الشك يقتل العلاقات إذا ما دخل بين طرفين ، خاصة العلاقة بين الأزواج ، ولا يحدث الشك إلا إذا شعر أحد الطرفين بالنقص ، فيظل طوال الوقت يشعر بأن رفيقه ، قد يتركه لأجل أي شخص آخر ، أو أنه يعيش في مجتمع انتشر به الفساد ، والخيانة فيظن أن الأمر قد طال شريكه ، تعددت الأسباب والخيانة واحدة بوجه عام ، ولعل في تلك القصة عبرة .عاد محمد سعيد بطل قصتنا إلى منزله ، في إحدى الليالي من ساحة الاحتفالات في بغداد ، حيث كان قد حضر حفلاً أقيم بمناسبة انتهاء حرب الثمان سنوات ، وفور دخوله إلى المنزل أدرك أن زوجته وابنه ليسا بالمنزل .ساور محمد الكثير من الشكوك والظنون في زوجته ، فهي ليست المرة الأولى التي تخرج فيها من المنزل ، كما أنه فور خروجه أخبرته أنها متعبة ولا تستطيع الخروج من المنزل ، فكيف خرجت إذًا عقب أن غادره هو .بدأت الشكوك تتزايد في نفس محمد ، خاصة وأن زوجته جميلة ، ومطمع للكثيرين من حولها ، وطالما حسده الجميع على زواجه منها ، وحاول أن ينفض هذا الفكر الذي ينهش خياله عنه ولكنه فشل في ذلك الأمر .أشعل محمد سيجارته ووقف بشرفة المنزل ، لا يدري ما يفعل فإذا سأل بشأنها الجيران ، قد لا يعلمون متى غادرت المنزل ، ويتحول الأمر إلى فضيحة وبحق ، فهو زوجها ولا يعلم متى خرجت زوجته من المنزل !! يا للعار .حاول محمد أن يهدأ ، وأثناء جلوسه يفكر فيما يفعل غلبه النعاس ، عقب قضائه ليوم طويل خارج المنزل ، ولم يدرِ أنه قد غفى ، سوى وهو يسمع صوت أحدهم يفتح الباب ، فنهض مسرعًا ليجد زوجته تدلف من الباب ، برفقة ابنهما عماد ويبدو عليه الإعياء ، وعلى الرغم من ذلك ، صاح في زوجته منفعلاً وسألها أين ذهبت ، ولماذا لم تخبره ، فأجابته بإرهاق واضح على ملامح وجهها الجميل ، بأنها اصطحبت عماد إلى المشفى ، عقب أن عانى من حمى مفاجئة وإسهال وأعراض تسمم واضحة ، وبالفعل قام الأطباء بعمل غسيل لمعدته بها ، وطلبوا منه الخضوع لراحة ليومين بلا أي مجهود .هدأ محمد قليلاً ونظر إليها بشفقة ، مليمًا نفسه على ثورته ، ثم طلب منها أن تذهب لترتاح قليلاً وذهب هو للاطمئنان على عماد ، مر حوالي الشهر على هذا الحدث ، وتناسى محمد هذا الأمر أو أنه بالفعل قد نسيه ، وباشر حياته كما كانت في السابق وصارت الأمور على خير ما يرام ، وفي أحد الأيام تأخر محمد في عمله قليلاً ، فهاتف زوجته وأخبرها أنه قد يبيت في محل عمله ، نظرًا لضغط العمل الشديد في تلك الفترة ، أجابته زوجته بأن يطمئن على حاله ، وأغلقا الهاتف .في نفس الليلة انتهى العمل قبيل منتصف الليل ، ورأى محمد أن يعود لمنزله ليرتاح قليلاً إلى جوار زوجته وابنه عماد ، وبالفعل أغلق مكتبه وقاد السيارة نحو منزله ، ممنيًا نفسه بنوم هادئ ومريح في أحضان أسرته الصغيرة .لم تمض دقائق حتى وصل محمد إلى منزله ، وتسلل إلى داخل المنزل بخفة فقد كان يخشى ، أن يزعج زوجته وابنه في منتصف الليل هكذا ، فبالتأكيد نام كلاهما ، وأثناء تحسسه طريقه داخل المنزل إلى غرفة نومه ، سمع محمد صوت زوجته تحدث أحدًا ما بدلال ، اتسعت حدقتا محمد في ذهول ، وهو يكاد لا يصدق أذنيه ، ليفتح الباب ويراها مرتمية في أحضان رجل ، وهما عاريان وعلى فراشه ، تملّك محمد الذهول ، وصرخ بكل قوته ولم يدر بنفسه ، سوى وهو يستل مسدسه ، ويفرغ طلقاته في جسديهما ليحلهما إلى مصفاة ، ويجتمع الجيران ليشاهدوا تلك الكارثة المروعة ، وكانت الشكوك حقيقة وليست محض خيال ، كما لام نفسه عليها من قبل ، للأسف الشديد .