تروي قصة صينية وقعت بالماضي أنه كان هناك سيدة تعيش مع ابنها الوحيد بسعادة وحب ، وظلت هكذا حتى جاء اليوم الذي اختطفه الموت منها ، فحزنت عليه حزنًا شديدًا وتحولت حياتها إلى عذاب ، ولم تستطيع أن تجد لنفسها سلوى عنه ، فذهبت إلى حكيم القرية ، وطلبت منه أن يجد لها حلًا ينسيها الهم والحزن .أو يصف لها طريقة تستعيد بها ابنها وتعيده للحياة مرة ثانية مهما كان الثمن ، فأخذ الحكيم نفسًا عميقًا لأنه كان يعلم باستحالة تنفيذ ما طلبت ، وبعد تفكير عميق قال لها : إذا أردتي أن أعيد لك ابنك احضر لي حبة خردل واحدة ، ولكن هناك شرط لابد أن تكون من بيت لم يعرف الحزن نهائيًا .فخرجت السيدة بكل همة ونشاط تبحث عن بغيتها ، ولما طرقت أول دار في بلدتها فتح لها امرأة شابة ، فسألتها السيدة الكبيرة ، هل عرف هذا البيت حزنًا من قبل ، فابتسمت المرأة في مرارة ، وقالت : لم يعرف بيتي سوى الحزن .وأخذت تحكي للمرأة قصتها ؛ حيث أن زوجها توفي منذ سنة ، وترك لها من البنين والبنات أربعة ، ولأنها لم يكن لها مصدرًا لإعالتهم اضطرت لبيع أثاث الدار الذي تسكن به ، فتأثرت السيدة جدًا مما سمعت وأخذت تخفف الحزن عن مستضيفتها .وبعد ذلك انصرفت المرأة وطرقت بيتًا أخر سعيًا وراء حبة الخردل ، ولما فتحت لها سيدة الدار سألتها إن كان بيتها يعرف الحزن أم لا ، فحكت لها المرأة أن زوجها مريض جدًا ، لم يستطيع الخروج للعمل ، ولم يعد عندها من الطعام ما يكفي لإشباع أولادها .فخرجت المرأة من عندها وذهبت على الفور إلى السوق ، واشترت بكل ما معها من مال طعام ودقيق وزيت ورجعت إلى السيدة صاحبة المنزل مرة ثانية ، وأعطته كل ما جلبته من السوق ، كما ساعدتها أيضًا في طهيه حتى أطعمت الأولاد وبعد ذلك ودعتها وانصرفت .وفي الصباح خرجت السيدة تطوف البلدة من منزل لمنزل بحثًا عن حبة الخردل ، ولكنها للأسف لم تجد ذلك البيت الذي لم يعرف الحزن من قبل ؛ لكي تأخذ منه حبة الخردل ، وبمرور الوقت تعرفت السيدة على كل بيت في القرية وصادقت أهله وأصبحت تزورهم دائمًا ويزورونها حتى نست تمامًا أمر حبة الخردل التي كانت تبحث عنها في الأصل ، فقد ذابت في مشاكل الآخرين وانغمست في حياتهم حتى أصبحت جزءًا منها .فقد منحها بذلك حكيم القرية أفضل فرصة لنسيان الحزن والقضاء على الأفكار السلبية ، فالمؤازرة والتعاون والاندماج مع الناس يجعلوننا لا نشعر على الإطلاق بالوحدة ولا عذاب الفراق .