إن القسوة والتعنت في معاملة الأخت الصغرى ؛ قد يدفع إلى الكراهية والبُعد عن الشقيق الأكبر ، وخاصة إن أصبح هو ولي أمرها بعد رحيل والديها عن هذا العالم ، قد يكون بالنسبة للأخت هو كل شيء في حياتها ؛ غير أن سوء معاملته سرعان ما تحوله من ولي أمر إلى عدو لدود تتمنى التخلص من قبضته .لجأت إحدى الفتيات إلى المحكمة الشرعية ؛ كي تنقل ولايتها إلى الهيئة القضائية بدلًا من ولاية أخيها ؛ حيث أوضحت أنها تعاني من سوء معاملته ؛ كما أنه يقوم برفض الرجال الذين يتقدمون للزواج منها ؛ ومؤخرًا قد رفض عريسًا مناسبًا ؛ والذي توافق الفتاة عليه ؛ لكنه لا يعطي لرأيها أي أهمية .رفض الأخ ذلك العريس ؛ بحجة أنه غير مناسب ؛ بالرغم من كونه عريسًا جيدًا ؛ مما اضطر الأخت إلى اللجوء إلى هيئة قضائية لكي تستطيع التخلص من تحكم شقيقها وتعنته في أمر زواجها ، قررت المحكمة أن تنقل ولاية الأخت إلى هيئة القضاء ؛ وذلك بعد أن تأكدت من صحة ادعاءاتها .حينما امتثل الأخ الأكبر أمام المحكمة ؛ أنكر كل ما قالته أخته ، وقال أنه لم يتقدم أحد للزواج من أخته سوى عريس واحد فقط ؛ وهو شخص غير مناسب للزواج من أخته ؛ لذلك رفضه دون سؤال أخته عن رأيها .قامت المحكمة باستدعاء الشاب الذي تقدم للزواج من تلك الأخت التي أقامت دعوى ضد أخيها ؛ كما استدعت المحكمة شاهدين عدل ؛ واللذين شهدا بحسن خُلق ذلك الشاب وصلاحيته للزواج ؛ كما أنه شخص فوق مستوى الشبهات .قامت الأخت أيضًا بإحضار شاهدين عدل ؛ وذلك لإثبات حقيقة حديثها ، وقاما الشاهدان بالوقوف إلى جانبها مؤكدين أن ولي أمرها وهو شقيقها الأكبر يمارس عليها فرض سيطرته وسوء معاملته ؛ وأنه لا يصلح أن يتولى أمرها .أوضحت الأخت أنها تشعر بالقهر والخضوع لمثل ذلك الأخ ؛ وأنها تريد أن تتحرر من قبضته وتتزوج من الشخص المناسب ؛ حتى لا تتحول حياتها إلى جحيم ؛ حيث أن ولي الأمر لابد وأن تتوفر به شروط الرحمة والرفق واحترام الآخرين ؛ وعدم سلبهم حقهم الشرعي .نظرت المحكمة في ادّعاء الفتاة ؛ فوجدت أنها على حق ؛ ولا يجوز لمثل ذلك الأخ أن يسلبها حقها الشرعي في اختيار زوجها المستقبلي ؛ ولا يجوز له أن يتحكم في مسار حياتها ؛ لأنها انسانة تعيش داخل هذا العالم ولها حقوق ولابد أن تحصل عليها كاملةً .قامت هيئة القضاء بإصدار حكمًا قضائيًا في حضور المدعية والمدعي عليه ؛ بثبوت أحقية الفتاة في نقل ولايتها من ذلك الأخ غير المسئول إلى الحاكم الشرعي ؛ كي يتولى أمورها وتستطيع أن تحصل على حقوقها الشرعية .شعرت الفتاة أنها قد تحررت من تلك الأيدي التي كانت تضغط على أنفاسها ؛ فكانت فرحتها عارمة بذلك الانتصار الذي حققته بسبب لجوؤها إلى القضاء العادل الذي أنصفها بعد سنوات من الحرمان والشعور بالقهر والضياع .ازداد شعور الفتاة بالفرح والسعادة ؛ حينما قام القاضي بعقد قرانها على ذلك الشاب المذكور سابقًا ؛ وذلك بعد أن قامت محكمة الاستئناف بتوثيق الحكم الصادر لنقل ولايتها من الشقيق الأكبر إلى الحاكم الشرعي .أعربت الفتاة عن مدى سعادتها ؛ لأنها استطاعت أن تخرج من سجن أخيها الذي أقامه عليها دون وجه عدل أو رحمة ، والذي كان من المفترض أن يكون هو السند والأخ الحقيقي بعد وفاة والديها ، ولكن الله سبحانه وتعالى قد أنصفها بعد أن لجأت إلى الهيئات القضائية .