كان ريشي صبيًا يبلغ من العمر عشر سنوات ، كان يشبه تمامًا أي صبي أخر في مثل سنه ، تنتابه بعض حالات الغضب المعتادة مع والدته ، فكان في بعض الأحيان يطيعها هي ووالده ، وفي أحيان أخرى يتجاهلها تمامًا ، فالعناد صفة متأصلة في الأطفال في مثل هذا السن ، وكانت أم ريشي متفهمة لهذا الأمر ولا تقلق حياله كثيرًا .وذات مرة أعطت مدرسة ريشي للطلاب الملتحقين بها عطلة مفاجئة ، فقررت والدته اصطحابه في نزهة هو وأخته الصغيرة ، قضوا فيها معًا وقتًا ممتعًا ، حيث ذهبت الأسرة إلى الشاطئ والمتنزهات ، وتناولوا الطعام اللذيذ .وحينما عادوا إلى المنزل طهت له الطعام اللذيذ الذي يحبه ، وتركته يلعب ويلهو طوال فترة العطلة ، وبعدها بثلاثة أيام أرادت من ريشي مساعدتها في تنظيف المنزل وتجميله ، فوافق على غير العادة وساعدها حتى صار كل شيء في المنزل جميلًا ومرتبًا .وحينما كانت الأم تقف في المطبخ لتطهو وجبة العشاء ، أعطاها ريشي قطعة من الورق ولكن لأنها كانت مشغولة ، طلبت منه وضعها على طاولة الطعام حتى تنتهي مما تفعله وتقرأها ، وبالفعل بعد انتهائها من إعداد العشاء ، تناولت الورقة التي تركها ابنها وصدمت لرؤيتها ما كتب ، فقد دون فيها قائمة من الأعمال التي أداها خلال الشهر ، وطلب مقابلها !حيث كتب : لقطع العشب في الحديقة : 300 روبية ، لتنظيف غرفتي : 250 روبية ، لمساعدتك في المطبخ : 200 روبية ، لشراء الحليب والفواكه للمنزل : 50 روبية ، لرعاية أختي عندما كنت تتسوقين : 250 روبية ، لإزالة القمامة من المنزل : 100 روبية ، إذن مجموع المال الذي تدينين به لي : 1150 روبية .صدمت الأم حرفيا عند انتهائها من قراءة رسالة طفلها الصغير ! ، ولكنها لم تتحدث بكلمة واحدة ، فكل ما فعلته أنها جاءت بورقة وقلم وكتبت ورقة مماثلة وأعطتها لابنها ، كتبت فيها : لحملي بك تسعة أشهر : لست مدينًا بشيء ، لمرضي الشديد حينما كنت بداخلي : لست مدين ، لليالٍ بلا نوم أرعاك فيها وأنت : لست مدين .لتهدئتك كلما انزعجت وأخذت في الصراخ : لست مدين ، لصلواتي الدائمة من أجلك ودعائي لك حينما أصبت في حادث بعمر 3 سنوات : لست مدين ، لأيام لا حصر لها قضيتها في قلق وتفكير حول حاضرك ومستقبلك : لست مدين ، لرعايتي الدائمة لك وحفاظي عليك لأنك أثمن ما في حياتي : لست مدين .قرأ ريشي رسالة أمه وتأثر بها كثيرًا ، وشرع بعدها في البكاء وهرع إليها يحتضنها ويقبل رأسها كما لم يفعل من قبل ، فقد أدرك حينها مدى حب أمه غير المشروط ، ومدى تحملها الكثير في سبيل رعايته وراحته وهو لا يشعر بشيء .لم يستطع ريشي النظر في عيني أمه بعد ما قرأ ، فقد كان خجلًا منها وتأسف لها عن كل شيء كتبه أو شعر به ، فقبلت الأم الحنونة جبينه واحتضنته في هدوء ، فأخذ منها الورقة التي كتبها وسحقها ورماها في سلة المهملات ، وأحضر ورقة جديدة كتب فيها كلمتين فقط : أحبك أمي ، وأدرك حينها الصبي الصغير عظمة حب الأم التي تمنح وتعطي دون أي شروط .