قصة عودة الأم وبناتها المُختفيات

منذ #قصص اجتماعية

يكون للحياة معنى أينما يتواجد الخير والإحسان والأفعال الطيبة ؛ حيث أن معاناة الإنسان تحتاج إلى اليد التي تُخفف وتساعد ؛ حتى لو لم تستطع تلك اليد أن تعالج المعاناة ؛ ولكن يكفي المساعدة التي قد تحمي الإنسان من بعض المخاطر التي تحيطه ؛ نتيجة تلك المعاناة الممزوجة بالألم .رأى أحد الرجال وهو صاحب معرض كبير للسيارات امرأة وثلاث فتيات صغيرات تقفن أمام معرضه ، وفيما يبدو أن تلك السيدة كانت والدة الفتيات ، في تلك اللحظة لم يفكر الرجل أن يبعدهن عن المكان أو أن يُهينهن ؛ بل قاده تفكيره إلى أنهن ربما وقعن في مشكلة ما ؛ وعليه أن يعرف ما إذا كان أصابهم سوء كي يستطيع مساعدتهن .اقترب الرجل من الأم والصغيرات ؛ ثم سألهن عن أحوالهن وهل يستطيع أن يساعدهن في أمر ما ؛ حينها شعرت الابنة الكبرى أن النجدة قد وصلت إليهن ؛ وخاصةً حينما سألهن ذاك الرجل عن والدهن ؛ فأجابت الابنة الكبرى على وجه السرعة برقم هاتف والدها ؛ والذي كانت تحفظه في ذاكرتها عن ظهر قلب ، وفيما يبدو أنها لم تجد يد العون لتساعدهن إلا في تلك اللحظة .شعرت الفتيات ببعض الأمان الذي افتقدنه طيلة ثماني أيام مرت عليهن في الشوارع الباردة ؛ حيث خرجن مع أمهن المصابة بمرض نفسي من المنزل ؛ ولكنهن لم تستطعن العودة مرة أخرى إلى منزلهم كي تحتمين به .قام الرجل صاحب المعرض بالاتصال بوالد الفتيات ؛ والذي تفاجأ بصوت ابنته التي غابت عن حضنه مع أختيها وأمها ، وتحدثت إليه الابنة عن وضعهن المؤسف ، ثم تحدث إليه صاحب المعرض وأخبره أن زوجته وبناته يتواجدن بالقرب من معرضه .لقد ظلّ الأب طيلة أيام اختفائهن يبحث عنهن في كل مكان ممكن ؛ فذهب إلى المولات وتجول في الشوارع والأسواق ؛ وبحث في أماكن كثيرة ؛ غير أنه لم ينجح في مهمة استعادتهن إلا حينما هاتفه ذلك الرجل الطيب صاحب المعرض .أخذ الأب العنوان ؛ وذهب على الفور إلى ذلك المكان الذي يأوي زوجته وبناته ، كان الأب يشعر بالسعادة العارمة التي غمرته منذ اتصال صاحب المعرض به ؛ حيث أنه قد عانى من أيام وليالٍ في أشد القسوة ؛ نظرًا لغياب زوجته المريضة وفلذات أكباده ، وكان يفكر دائمًا في مصيرهن الذي لا يعلمه .شعر الأب أن طوق النجاة قد أتى لينقذ بناته الصغيرات من مصير مجهول في الشوارع مع والدتهن المريضة نفسيًا ؛ والتي لا تستطيع أن تعتني بهن أو تصل إلى بر أمان لتنقذهن من قسوة الشارع والتشريد ، غير أن الله سبحانه وتعالى قد وضع الرحمة في قلب ذلك الرجل الطيب صاحب المعرض لينتبه إلى حالة الأم وبناتها دون أن يقسو عليهن أو يطردهن من المكان .حينما التقى الأب بزوجته وبناته شعر بأن روحه قد عادت إليه بعد غياب طال لثماني أيام قاسية ، وعلم أن بناته وزوجته قد قضين تلك الأيام الثماني داخل مصليات المساجد وفي الحدائق العامة .كان لصنيع صاحب المعرض فضل عظيم بعد المولى عز وجل ؛ في عودة تلك المرأة المنكوبة وبناتها الصغيرات اللاتي لا تعلمن كيفية مواجهة تلك الحياة الخارجية إلى منزلهن ؛ لكي تأمنّ مكر الشوارع القاسية ، ويكفي على أمهن معاناتها مع المرض الذي يداهمها .إذا ظهرت مشاعر الرحمة الإنسانية داخل الشوارع ؛ قد تتبدل الحياة بقسوتها وبرودتها إلى أماكن دافئة ؛ يخاف فيها الناس على بعضهم البعض ، أو على الأقل إذا تواجدت النسبة الأكبر من الناس الرحماء أمثال صاحب المعرض ؛ فستُحل العديد من مشاكل الشوارع الموجودة في كل مكان وزمان ؛ مما سيجعل الناس يشعرون بالدفء والأمان بدلًا من الخوف والذعر .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك