قصة إكليل العروس

منذ #قصص اجتماعية

أنامله ذهبية ، بهاتين الكلمتين تصف النساء وقع أنامله على شعورهن ، تقف قبالته كل امرأة تدخل إلى صالون التجميل الذي يعمل فيه ، يتأمل موطن أنوثتها ، يتفرس مسامها ، يعاين شعرها ، ثم يدير قرص آلة التسجيل ، فيعج المكان بصوت إحدى روائع سيمفونيات بيتهوفن ، لا يسمح بأي ملاحظة أو سؤال أو توجيه من أي أحد ، حتى ولا من الزبونة نفسها ، تتناغم يداه مع موسيقى السيمفونيات ، يعزف بيديه على أنوثة الزبونة ، كما يعزف الموسيقار على آلته الأثيرة .آلهة الجمال :
يتخيل الزبونة امرأته هو بالذات ، يحاكي بألوانه قسماتها ، يداعب بأنامله شعرها ، يخلق وجلالتها وألوانها كما يشتهي هو بالذات ، ومع انتهاء معزوفة السيمفونية ، ينتهي من الزبونة ، يتركها آلهة للجمال ، تطير الزبونة فرحًا ورضى بما فعل ، وتنقده إكرامية سخية ، وتغادر الصالون لتطير إلى حضن رجل ما ، ويبقى في فوضى أنوثتها المغادرة .ذو الأنامل الذهبية :
اسمه شأس ، لكنه مشهور باسم شوشو أنامل ذهبية ، جسده الصغير وقدمه العرجاء جعلاه دون أعين النساء ، وبعيدا عن مطمح أي امرأة ، ولكن أنامله الساحرة غرزته وبقوة في عالم النساء ، وحللت له لمس أجسادهن ، وصنع جمالهن ، وخلق ألوانهن وزينتهن ، بدأ رحلته عامل نظافة في هذا الصالون المشهور الذي ترتاده ثريات العاصمة .ثم أتقن المهنة بفضل موهبته الغريزية في التصدي لجمال المرأة ، وإبراز مفاتنها ، وسريعا ما نسى الكل شأن عامل النظافة ، وغدا شوشو أنامل الذهبية ، الذي يبرز جمال النساء ، ويطلق سحرهن ، يسعده أن يعمل دون انقطاع ، ولكن تجميل العرائس يدخل إلى قلبه الحزين ، متعة وفرحة خاصة وتتناسب مع فرحة الثوب الأبيض .العروس :
تأتي العروس إليه مزهوة بأطياف ليلتها المتمناة ، مأخوذة بسحر أنوثتها التي ستنفجر بعد ساعات على يدي رجل ، تزخر بالأحلام والسعادة ، مسكونة بليلتها المقبلة ، يبدأ بتأمل قسمات الوجه ، يداعب شعرها ووجهها وكفي يديها حتى يهبها بحركاته اللطيفة المرونة اللازمة والاسترخاء ، يفك أسرار أنوثة الزبونة ، ويهز رأسه بعد أن يعرف مواطن التقصير ، يدير قرص المسجل الكهربائي ، فتنبعث مويقى السيمفونيات ، في فك حركته البطيئة العرجاء حول مقعد العروس .تدور أكثر من مساعدة صامتة ، يناولنه الأدوات المطلوبة دون النبس ببنت شفة ،  يجذب شعر العروس إلى جسده ، يغرق كفيه في شعرها ، ثم يضنوه بشغف ، ويصففه وكأنه هبة من نسيم الغابة ، قذفت به بعيدًا ، يزينه بحبات اللؤلؤ ، وصغار الزهور البيضاء ، يدهن أظافر بطلاء وردي جميل ، بعد أن يهذبها ، ويطلقها بانسيابية زهرة لوتس على صفحة الماء ، ثم يأتي دور الوجه ، يناغيه طويلًا ، ويعطيه من ألوان الطبيعة ، فيبرز مجرى العينين ، ومبسم الفم ، وألق الوجنتين ، وطول الرموش ، وانسيابية الحاجبين ، يلقي نظرة أخيرة ، فيدرك أنه قد انتهى من تزين قسمات العروس ، يعطرها من العطر الذي يعتقد أنه يناسبها .إكليل العروس :
ثم تأتي الخطوة الأخيرة ، يمسك بالإكليل المحمول اليه بحذر واهتمام ، يقربه من العروس المنتشية بجمالها ، يثبته كما يجب ، تبدو العروس بجمال  أردية القمر ، يبتسم لها ، فترى ابتسامته مطبوعة أمامها في المرآة ، تصفق المساعدات كعادتهم قائلات : برافو ، ابداع يا شوشو..يقترب باسما من العروس ، قائلا كعادته كلما انتهى من تجميل عروس : ألن تكون لي القبلة الأولى ؟ تطبع العروس السعيد على عجالة قبلة سريعة على خد شوشو الذي يعامل على أنه الأخت الكبرى للكل .الرجل المنتظر  :
تخرج العروس بثوبها الأبيض ، وإكليلها الساحر ، تتوجه إلى السيارة المنتظرة لجلالة جمالها الأنثوي  لتكون في حضن عريسها ، بعد أن تدس إكرامية كبيرة في جيب شوشو الذي ليس له من عالم نسائه ذوات الرداء الأبيض ، إلا أم يزين ويودع ، يبتسم شوشو ابتسامة ميكانيكية اعتادها : يعلق علكة في فمه بطريقة الاستعراضية خليعة ثم يقول : إليّ بالعروس التالية .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك