لم تتوقع أن تقودها الصدفة لأن تصبح معلمة للأطفال في الوقت الذي تدرس فيه بكلية طب الأسنان ، حيث اختطفتها نظرات الاستعطاف من أحد الأطفال الفقراء والذي كان يمد يده لطلب المال وهو حاملًا كتابه الدراسي في اليد الأخرى ، فكان هذا المشهد هو العالم الآخر الذي انفتح أمام الطالبة زهرة هاشم المسلم .الصدفة التي غيرّت حياة الطالبة :
زهرة هي طالبة من المملكة تدرس في كلية طب الأسنان بجامعة عبدالرحمن بن فيصل ، وذات مرة كانت مريضة فاتجهت إلى المستشفي للفحص الطبي ، وبينما هي في طريقها صادفت المشهد الذي أثرّ فيها للغاية ، حيث شاهدت طفلًا صغيرًا وهو يحمل كتابه الدراسي وقد وقف ليمد يده لطلب العون على الفقر ومعاناته .وبعد هذا المشهد فكرّت زهرة في حال هؤلاء الفقراء ، حتى وردتها فكرة رائعة وهي استقطاع جزء من إجازتها الأسبوعية لتقوم بتعليم بعض الأطفال الفقراء الذين ينتمون إلى الأسر المتعففة بمدينة الخبر كما وصفتهم زهرة ، حيث أنها رغبت في عمل برنامج خيري اجتماعي من أجلهم .تنفيذ الفكرة :
في بداية الأمر لم يكن تنفيذ فكرة البرنامج الخيري أمرًا سهلًا بالنسبة لزهرة ، حيث أنها واجهت عدة صعوبات حول كيفية نشر فكرتها وإعلانها بين الناس وعن خطة عملها والمكان الذي ستعمل به ، ولكنها تخطّت تلك العراقيل بفضل الله تعالى وبفضل سعيها لتعليم هؤلاء الصغار .قامت زهرة بطباعة ونشر مجموعة من أوراق الإعلانات داخل الأحياء الفقيرة الواقعة في مدينة الخبر ، حيث أنها قامت بتوزيع الأوراق الإعلانية على أبناء الأحياء بعد أن أبلغتهم أنها ستستقبل الأطفال الذين يحتاجون إلى المساعدة في الدراسة من أجل تعليمهم ، وبالفعل بدأت في تنفيذ فكرتها في بيت صديقة لها تسكن بالقرب من تلك الأحياء ، وبذلك نجحت في توفير المكان المناسب لهؤلاء الصغار .بدأت زهرة تعطي دروسًا في البداية إلى طفلين فقط ، حتى ازداد عددهم إلى ستة أطفال ، ولكنها لم تستطع استقبال عدد أكبر من الأطفال نظرًا لظروف دراستها وسكنها داخل الجامعة ، وهو ما يجعلها تعطي دروسها لهؤلاء الأطفال لمدة ثلاث ساعات متواصلة ، وقد أثمرت جهودها عن تفوق هؤلاء الصغار ، حيث أنها لاحظت تطور مستواهم في التحصيل العلمي بشكل كبير .وقد حصلت زهرة على التمويل الخاص بتنفيذ فكرتها من خلال تدريسها لطالبات السنة التحضيرية في السكن الجامعي ، حيث أنها تحصل على مقابل مادي من طالبات الجامعة لتستثمرها في تعليم الصغار من أبناء الأسر المتعففة في المرحلة الابتدائية ، كما أنها تعزم على مساعدة الآخرين بطريقة أخرى وألا تقتصر مساعدتها على الصغار فقط .لقد فكرّت زهرة في فكرة جديدة ترغب في تنفيذها من أجل هذه الأسر ، حيث أنها تنوي العمل على تجديد غرف النوم الخاصة بالمراهقين من أبناء الأسر المتعففة ، حيث أنها تدرس هذه الفكرة بجدية ، وستقوم بتنفيذها فور استطاعتها ، وسيساعدها في الدعم المادي لهذه الفكرة أيضًا عملها في تدريس طالبات الجامعة ، فكما استثمرت أموالها في تعليم الصغار فإنها ستستقطع منه جزءًا من أجل تجديد غرف النوم .تغيرّت حياة زهرة بشكل تام من مجرد صدفة جعلتها تشعر بالشفقة على طفل فقير ، لتسعى فيما بعد إلى تغيير مجتمعها ومساعدته قدر إمكانها ، لتصبح مثالًا للفتاة الحنونة الذكية التي باتت نموذجًا طيبًا لكل أفراد مجتمعها ، فكم من صدفة خلقت المعجزات التي غيرّت الواقع الأليم .