أرجوك ، هلم لرؤيتها ، هذا هو ما صار إليه أمرها ، أوخ ما كان أشد توقها لرؤيتك مرة أخرى !نبذة عن المؤلف:
الأديب الياباني ، الحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1968م ياسوناري كاواباتا ، ولد كاواباتا في أوساكا – اليابان في 14 يونيو عام 1899م ، بداية كتاباته أثناء دراسته الجامعية في جامعة طوكيو الإمبراطورية ، ففيها نشر قصته القصيرة الأولى مشهد من جلسة أرواح ، أهم مؤلفاته : مظلة ، قناع الموت ، موطن ، إلخ.. توفي كواباتا في 16 ابريل عام 1972م .على هذ النحو مضت حماة الرجل في الحديث ، وهي تنطلق به مسرعة إلى الغرفة ، تطلع إليه من ثم إلتفوا حول فراش زوجته ، في وقت واحد ، أرجوك .. إلق بنظرة عليه !غادرت الغرفة في هدوء :
قالت حماته وهي تعاود الحديث ، وتشرع في إزاحة الغطاء ، الذي أسدل على وجه زوجته ، ثم فجأة تحدث الرجل ، وكأنما أرغم على ذلك ، وقال : لحظة واحدة ! .. أيمكنني رؤيتها منفردًا ؟ هل بوسعكم تركي وحدي معها في الغرفة ؟ .. أثارت كلماته التعاطف في صفوف عائلة زوجته ، فغادرت الغرفة في هدوء ، وأغلقت الحاجز الفاصل وراءها .الغطاء الأبيض والاحتضار :
أزال الغطاء الأبيض ، كان وجه زوجته قد تصلب ، مكتسبًا تعبيرًا موحيًا بالألم في غمار احتضارها ، بدت وجنتاها غائرتين ، وأسنانها الناصلة ناتئة من بين شفتيها ، تغضن لحم جفنيها ، وبدا ذوايا ، ومتشيًا بمحجريها ، وجمد توتر جلى الألم في جبينها .المحيا الميت القبيح :
جلس متجمدًا في موضعه للحظة ، محدقًا في هذا المحيا الميت القبيح ، ثم وضع يديه المرتجفتين على شفتي زوجته ، وحاول إطباق فمها ، وأفلح في إجبار شفتيها على الانغلاق ، ولكنهما عندما رفع يديه تراختا عائدتين ، إلى سباق انفتاحهما ، أطبق فمها مجددًا ، ومرة أخرى عاد الفم للانفتاح من جديد ، فعل الشيء نفسه مرارًا وتكرارًا ، ولكن النتيجة الوحيدة تمثلت في أن الخطوط الحادة ، حول فم زوجته بدأت في اللين .جلوس وإطلال على المحيا الجديد :
عندئذ استشعر انفعالًا يتزايد في أطراف أصابعه ، وراح يدلك جبينها ، عساه يخفف من مشهد القلق الجهم المرتسم عليه ، وازدادت راحتاه سخونة ، جلس ساكنًا في موضعه من جديد ، مطلًا على المحيا الجديد ، دلفت حماته وأخت زوجته الصغرى إلى الغرفة .إنها الآن في خير حال :
ربما نالك التعب من جراء الرحلة بالقطار ، أرجو أن تتناول الغذاء ، وأن تنال قسطًا من الراحة … أوه ، انهمرت الدموع فجأة ، على وجنتي الحماة ، وأضافت : الروح الإنسانية أمر مخيف ، ما كان لها أن تموت كليه ، إلا بعد قدومك ، الأمر بالغ الغرابة ، كل ما فعلته هو إلقاء نظرة عليها ، وهاهو محياها قد كساه الاسترخاء ، لا بأس .. إنها الآن في خير حال .حادثة الوجه المحتضر :
تطلعت أخت زوجته الصغرى ، التي اكتست عيناها بصفاء جمال سماوي ، إلى عينيه ، اللتين مسهمًا طائف من جنون ، ثم انخرطت بدورها في البكاء .