قصة تابي من الأدب الياباني

منذ #قصص عالمية

إن كانت أختي إنسانة على مثل هذا القدر الكبير من الجمال الرقة ، فلماذا تعين أن تموت بتلك الطريقة ؟ لم أفهم ذلك .نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الياباني ، للأديب الياباني ، ياسوناري كاواباتا ، ولد كاواباتا في أوساكا – اليابان في 14 يونيو عام 1899م ، بداية كتاباته أثناء دراسته الجامعية في جامعة طوكيو الإمبراطورية ، ففيها نشر قصته القصيرة الأولى مشهد من جلسة أرواح ، بعد تخرجه من الكلية في مارس عام 1924م بفترة قصيرة ، قام بتأليف عدة قصص قصيرة وهي : بلد الثلج ، طيور الكركي الألف ، صوت الجبل ، جمال وحزن ، كتب كواباتا أكثر من مئة وأربعين قصة قصيرة ، حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1968م ، توفي كواباتا في 16 ابريل عام 1972م .مرض الأخت :
بلغت مرحلة من الهذيان في المساء ، وتقوس ظهرها ، وارتعشت يداها الممتدتان المتقلصتان بعنف ، وحتى عندما توقف ذلك ، بدا أن رأسها توشك على السقوط على الوسادة إلى اليسار ، وعندئذ ومن فمها نصف المفتوح ، زحفت خارة دودة بيضاء دائرية مما يستقر في الأمعاء!.تابي :
منذ ذلك الحين غالبا ما استعدت بوضوح بالغ ذكرى بياض تلك الدودة الغريب ، وفي مثل تلك الأوقات درجت على التفكير ، في بياض الجوارب المعروفة باسم تابي 13 ، عندما كنا نضع بعض الأشياء في تابوت أختي ، قالت : أماه ، ماذا عن تابي ، دعينا نضعه بدوره ، قالت : هذا أمر جيد ، لقد نسيته ، لأن هذه الطفلة لها قدمان جميلتان ، مقاس تسعة ، فلنتأكد من أننا لا نخلط التابي الخاص بها ، مع ذلك الذي يخصني ويخصك ، ذكرت التابي ، ليس لأن قدمي أختي كانتا صغيرتين وجميلتين فحسب ، ولكن بسبب ذكرى تتعلق بمثل هذه الجوارب .بداية قصة التابي :
كان ذلك في ديسمبر من عامي الثاني عشر ، في بلدة قريبة ، رعت شركة إيسامي تابي ، مهرجانا سينمائيا ، أقبلت فرقة للدعاية كانت تمضي من مدينة إلى أخرى ، ومعها أعلام خفاقة تتموج في الهواء ، ووصلت إلى قريتنا ، قيل أن بطاقات دخول السينما قد خلطت بأوراق الدعاية التي توزعها الفرقة .وكانت تلك في حقيقة الأمر حيلة لدفعنا لشراء الجوارب لكي نستطيع استخدام ، أوراق التعريف ، بنوعها الملصقة بها كبطاقات دخول لدور السينما ، وفي ذلك الحين في قرى مثل قريتنا لم تكن هناك فرصة لمشاهدة فيلم سينمائي ، باستثناء أيام العيد أو خلال مهرجان المشاعل ، وبيعت الجوارب بشكل جيد .الخدعة وخيبة الأمل :
قمت بدورى بالتقاط أوراق الدعاية ، والتي حملت صورة جريئة لفتى يقتحم المدينة ، وفي وقت مبكر من ذلك المساء ، مضيت إلى البلدة ، ووقفت إلى طابور خارج دار العرض السينمائي الصغير ، وشعرت بعدم الارتياح والخوف ، هل يتضح أن ورقة الدعاية ليست هي بطاقة الدخول ؟ ما هذه إنها ليست إلا ورقة دعاية… قالها الرجل الذي يأخذ بطاقات الدخول ، وهو يضحك مني ، مضيت إلى الدار ، وقد استبد بي الشعور بخيبة الأمل .موقف الأخت الإنساني :
وبشكل ما لم أستطع إجبار نفسي بالذهاب إلى الدار ، سيطر عليّ الشعور بالوحدة ، فمضت أتسكع إلى جوار البئر ، أقبلت أختي حاملة دلو لجلب بعض الماء ، وضعت يدها على كتفي ، وسألتني عن جلية الأمر ، حجبت وجهي بكفي ، فتركت أختي الدلو هناك ، ومضت إلى داخل الدار ، وعادت حاملة نقودًا … اذهب سريعًا الآن ! عندما انعطفت عند ركن الشارع ، التفت إلى الوراء ، وكانت أختي تقف هناك ، ملوحة لي ، فانطلقت مسرعة بقدر ما أستطيع ، وعند منتج الجوارب في البلدة ، سئلت : أي مقياس تريدين ؟ سيطر عليّ الارتباك ، إذن انزعي لتابي الذي ترتدينه الآن .الانتقال إلى سيؤول وحب المُدرس :
داخل نسيج الجزء الضاغط من التابي كتب الرقم تسعة ، عندما عدت ، سلمت الجورب لأختي ، فقد كان مقاسها تسعة بدورها ، مضى عامان تقريبًا ، وقد انتقلت عائلتنا إلى كوريا ، وأقامت في سيؤول ، وفي العام الثالث من مدرسة الفتيات وقعت في حب مدرسي السيد ميتسوهاشي ، فتعرضت للمراقبة في الدار ، وحظر على القيام بزيارته ، وأصيب السيد ميتسوهاشي بالبرد وتوالت التعقيدات في حالته الصحية ، وهكذا لم تعقد امتحانات نهاية الفصل الدراسي .هدية للمدرس :
خرجت مع أمي قبيل عيد الميلاد ، وحدثت نفسي بأنني سأشتري للسيد ميتسوهاشي هدية ، تحمل معنى تمني الشفاء له ، ابتعت قبعة من النوع الذي يتخذ أعلاه من الأطلس الأرجواني ، وفي شريط القبعة كان هناك غصين من نبات البهشية ، ذو لون أخضر قاتم مع مجموعة من ثمارها الحمراء ، وداخلها كانت هناك قطع من الشيكولاته لفت في ورق فضي .اختفاء القبعة :
عندما دخلت المكتبة في الجادة الكبيرة ، التقيت بأختي ، فأطلعتها على الهدية في غلافها ، خمني ما هذا ! هدية للسيد متسوهاشي ، كان ينبغي ألا تفعلي هذا ، قالتها أختي بصوت خفيض ، وكأنها تحملني المسؤولية ، أضافت : أما قيل لك ألا تفعلي هذا حتى في المدرسة ؟تبخرت سعادتي ، وللمرة الأولى أني وأختي شخصان منفصلان كلية ، مكثت القبعة ذات الطرف العلوي الأحمر على قمطري في البيت ، وانقضى عيد الميلاد ، ولكن في الثلاثين من ذلك الشهر الأخير من العام اختفت القبعة ، فحدثت نفسي بأنه حتى ظل سعادتي قد اختفى ، ولم أستطع حتى سؤال أختي عما حدث للقبعة .موت المدرس :
في اليوم التالي ، يوم عيد رأس السنة ، دعتني أختي للقيام بنزهة خارج الدار ، لقد قدمت قطع الشيكولاته تلك إحياء لذكرى السيد ميتسوهاشي ، وكانت كجوهرة حمراء في ظل الزهور البيضاء ، كانت جميلة ، وطلبت أن توضع في تابوته ، لم أكن قد علمت بأن السيد ميتسوهاشي قد مات ، حيث لم أخرج بعد وضع القبعة على قمطري في الدار ، ومن الجلي أن الجميع في الدار قد أخفى نبأ موته عني .لغز القبعة والتابي البيضاء والموت :
حتى الآن ، تعد تلك القبعة ذات الطرف العلوي الأحمر، وتلك الجوارب اليابانية البيضاء ، الأشياء الوحيدة التي وضعتها في توابيت ، وقد سمعت بأن السيد ميتسوهاشي قد لقى حتفه بعد أن عانى أشد العناء على حشيته الرفيعة في السكن الداخلي الرخيص بالمدرسة ، وقد أوشكت عيناه على الخروج من محجريهما ! إنني أنا التي بقيت على قيد الحياة ، أسأل نفسي : ما الذي تعنيه تلك القبعة ذات الطرف العلوي ، وتلك التابي البيضاء .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك