اجتهد الطالب ايان ليوبولد في جامعة هوبرت الأمريكية أثناء إعداده لمشروع تخرجه في باب اقتصاديات قطاع الأعمال الناشئة 1985م – 1986م ، وكان مشروعه يدور حول فكرة مفادها نشر دليل تسوق وتنزه مكون من 44 صفحة موجه كلياً لطلاب الجامعات على أن يتم توزيعه مجاناً على هؤلاء الطلاب ويتم تحقيق الربح من خلال إعلانات المعلنين .لم يوافق الأستاذ الجامعي المشرف على بحث ليوبولد على ما جمح إليه فكر هذا الشاب الصغير فجعله يرسب في مادته مانعاً له من التخرج ، فكان ليوبولد مقتنعاً بأن شريحة الشباب العمرية من 18 إلى 24 سنة لا تتلقى التركيز الكافي من قبل المعلنين .وهو رأي في مشروعه هذا سبب لمعالجة هذا النقص في الاهتمام الإعلامي ، وكان يهدف لأن يكون الدليل الطلابي الذي أراد إصداره مشتملاً على معلومات موجهة بالأساس إلى طلاب الجامعات خاصة أولئك القاطنين في المدن الجامعية قد يكون هذا المبدأ غريباً علينا في بلادنا العربية لكن من سافر للخارج يعرف جيداً المدن الجامعية ونزل الطلاب .عانى وقتها قاطنوا تلك المدن الجامعية من عزلة داخلية عن العالم الخارجي ، وأضف إلى ذلك أن برامجهم الدراسية كانت تشغل معظم أوقاتهم بدرجة منعتهم حتى من متابعة الجرائد أو مشاهدة التلفزيون .كانت شريحة الطلاب هذه تخطو أولى خطواتها نحو الشراء والاعتماد على النفس وهي شريحة مستهلكة لا ولاء لها لمنتج بعينه ، بل هي متفتحة لتجربة جميع المنتجات بدون أن تكون قد كونت آراء مسبقة ، ومثل هذه الشريحة غير الناضجة تسويقياُ هي ما يحلم به أي مسئول تسويق في أي مكان.فوق كل هذا الشركة أو العلامة التجارية التي تنجح في كسب ولاء أي مستهلك من هذه الشريحة فهي تضمن مستهلكًا لمنتجاتها لمدى الحياة ، وهذا هو حلم أي مؤسسة تفهم جيداً ما هو التسويق الناجح.اعتمدت فكرة ليوبولد كذلك على الإعلان للطلاب في أماكن تجمعهم اليومية مثل ألواح الإعلانات والنشرات الداخلية ، والتي كانت تعرض مواعيد المباريات القادمة ونتائج تلك الماضية.جلس ليوبولد ليكتب خطة العمل لمشروعه واضعا كل أفكاره وتوقعاته على الورق وبعدما انتهى اطلق اسم كامبس كونسبتس على هذه الشركة الافتراضية ، التي كان يعد خطتها للعمل ثم سلمها لأستاذه الجامعي المشرف على مشروع تخرجه.كانت الفكرة جديدة وشجاعة وأكثر من رائعة لكنها جعلت الفتى المتحمس يرب في مشروعه ، فقد رأى أستاذه أن هذه الفكرة لن تنجح في الحياة العملية ، لكنه لم يستسلم فهو كان مضطرًا للبقاء للنجاح في مادة الرسوب وكان بلا عمل صيفي ورغم أن جل ما كان يملكه من رأس مال لا يتعدى 48 دولار لكنه قرر تنفيذ مشروعه وعزم على أن يثبت خطأ استاذه.اختار ليوبولد فريق مبيعاته من زملائه في الجامعة بنظام العمولة من الأرباح ، مقابل أن يبيعوا إعلانات شركات لديها منتجات موجهة لطلاب الجامعات ، وتنشر هذه الاعلانات داخل دليل معلومات للطلاب سماه دليل الطلاب غير الرسمي ، يحتوي على كل ما يمكن أن يهتم لشأنه طلاب الجامعة مثل ملاحظات للباحثين عن وظائف ، وماذا يجب عليهم الحذر منه في مقابلات التوظيف ونصائح لمن يريد الدراسة في الخارج ، وكيف يتعامل الطلاب مع الضغط العصبي عموما بسبب مقابلة أو اختبار.جاء توزيع أول دليل مطبوع في يناير من عام 1986م في جنبات جامعة هوبارت ، وما كان من الطلاب إلا أن أحبوه, ولم يكن من المعلنين ، إلا أن أحبوه بدورهم حقق العدد الأول عوائد قدرها 2000 دولار نصفها كان ربحًا صافيًا عين ليوبولد ، من يتولى نشر الدليل وتوزيعه لينطلق هو ليذاكر لنيل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال.وبعد مرور عامين على هذه البداية كان دليل الطلاب يحقق عوائد قدرها 75 ألف دولار بعدما وسع مجال توزيعه ليبلغ طلاب بقية الجامعات الأمريكية ، في عام 1990م كانت الفكرة التي حكم عليها بالفشل مسبقًا تدر عوائد قدرها ربع مليون دولار أمريكي ، فما كان من ليوبولد إلا أن ترك وظيفته لدى شركة تأمين شهيرة التي أمضى فيها عامين من حياته وقرر التفرغ لإدارة مشروعه الناشئ انطلاقًا من مدينة بلتيمور الأمريكية في عام 1991م .توسع الدليل الطلابي في عام 1992م ليقدم خدماته التسويقية ، وليوفر الرعاة الرسميين لاتحادات النشاطات الرياضية الطلابية الجامعية الأمريكية ، وفي عام 1995م نظمت الشركة بطولة رياضية خاصة بها كانت جوائزها هدايا قيمة مقدمة من الرعاة الرسميين ابتداء من عام 1996م ، دخل عمالقة الشركات في معترك الدعاية الموجهة لطلاب الجامعة مثل نايكي وبيبسي وبعدهما مايكروسوفت.في عام 1998م كان إجمالي عوائد الشركة 10 مليون دولار ، وهي عملت بمثابة بوابة الوصول إلى ثلاثة ملايين طالب جامعي أمريكي ، وتوسعت نشاطات الشركة لتشمل الدعاية والإعلان والنشر والتسويق ، وانتقلت بالفكرة إلى خارج البلاد وسعت لضم العديد من الشركات الأخرى إليها حتى صارت عملاقاً تجارياً لا يستهان به أبداً.