الشيخ محمد الطيب الأنصاري أحد أبرز علماء المدينة المنورة منذ القرن الرابع عشر الهجري ، وهو أحد رواد العلم والمعرفة الذي طاف العديد من البلاد في العالم الإسلامي ليلقي محاضراته ، كما يتسابق الطلاب لحضور ندواته ومحاضراته الثمينة التي يلقيها في المساجد ، حيث يسعى الطلاب أن يستقوا من نهر معرفته وعلمه .كما يسعى الأدباء لحضور مجالسه العلمية ، والتي كانت بمثابة رحلة في بحر المعرفة ، وأصبح الشيخ محمد الطيب الأنصاري مرجعًا للعديد من العلماء حول العالم ، فكان يلتقي بالأدباء وطلاب العلم في المجامع العلمية أو مساجد المدينة المنورة ، وكان يعقد ندواته نهارًا وليلًا في أحد بساتين المدينة المنورة ، منهم بستان الزهرة وبستان المصارع وبستان خيف السيد.نشأ الشيخ محمد الطيب بن إسحاق بن الزبير بن محمد الأنصاري من الخزرج ، وهي من القبائل الزهراني من قحطان ، ويعد الشيخ محمد الطيب الأنصاري سلفي العقيدة ، وقد ولد في ١٢٩٦ه، من العام الهجري في مدينة تنبكتو ، والتي تقع على نهر الميز في النيجر بالمغرب الأقصى لذا يلقب الطيب التنبكتي .وعندما بلغ الثامنة من عمره وبعد أن توفى والده ، تكفل خاله الشيخ مبارك تربيته ، وسعى أن يجعله حافظا للقرآن منذ صغره ، فدفعه للشيخ بن أحمد لتحفيظه القرآن الكريم ، وكان يشجعه على حضور حلقات التدريس التي كان يعقدها كبار علماء عصره ، وكان الشيخ محمد الطيب الأنصاري يتميز بذكائه وحبه للعلم ورجاحة عقله منذ صغره .قامت فرنسا باحتلال بعض المناطق المغربية ، فهاجرت أسرة الشيخ محمد الطيب الأنصاري إلى المدينة المنورة وذلك في عام ١٣٢٣ من العام الهجري ، ثم انتقل الشيخ محمد الطيب الأنصاري إلى مكة المكرمة ليتفرغ لتلقي العلم والعبادة .ألتقى الشيخ محمد الطيب الأنصاري بالعديد من العلماء في مكة المكرمة ، ونهل منهم العلوم التشريعية والمعارف ، وقضي عام كامل في مكة المكرمة ، ونهل من العلم الكثير ثم قرر العودة مرة أخرى إلى المدينة المنورة .عند عودة الشيخ محمد الطيب الأنصاري إلى المدينة المنورة ، قرر أن ينقل ما تعلمه ليفيد به الآخرين ، فعقد حلقات تعليمية ودينية في المسجد النبوي الشريف ، وأقبل عليه طلاب العلم فكان يقوم بإلقاء المحاضرات والجلسات منذ الصباح وحتى صلاة العشاء ، ثم يؤدي الصلاة ويعود إلى منزله.وتتلمذ على يده العديد من العلماء ومن هؤلاء السيد عثمان حافظ والسيد أمين مدني والشيخ محمد بن علي الحر كان رئيس رابطة العالم الإسلامي والسيد علي حافظ والشيخ إسماعيل حفظي .وتولى الشيخ محمد الطيب الأنصاري العديد من المناصب رفيعة المستوى ، حيث تولى رئاسة مدرسة العلوم الشرعية ، كما كان يقضي أوقات كبيرة في التدريس ، والتأليف والتدوين وكتابة الكتب .اتسم الشيخ محمد الطيب الأنصاري بالبساطة والتواضع رغم مكانته العلمية ، فكان يسعى أن يتلقى العلم حتى من الأصغر منه سنا أو حتى من الناحية العلمية ، كما لم يكتفي الشيخ محمد ، بإلقاء المحاضرات والندوات بل كتب العديد من الكتب .من الكتب التي قام الشيخ محمد ، الطيب الأنصاري بكتابتها ، هو كتاب الدرة الثمينة في النحو والذي كتبه في عام ١٣٢٥ من العام الهجري ، وقام بتدريس محتوى الكتاب بسلاسة ووضوح لطلابه في المدينة المنورة .كما كتب كتاب البراهين الموشحات في نظم كشف الشبهات ، كما كتب كتاب تحليل التحرير في اختصار تفسير ابن جرير ، بل وكتب كتاب التحفة البحرية في نظم الشافية ، وكان الشيخ محمد الطيب الأنصاري علامة تاريخية مؤثرة ، سقى بمياه علمه العديد من الطلاب والأدباء والعلماء والشيوخ ، وتوفي في المدينة المنورة في ١٣٦٢ من العام الهجري ، وقد ترك خلفه مدونات وكتاب تعكس ذكائه في التحليل والتفسير .