تقول الحکایة أن امرأة توفي زوجها و ترکها هي وولدها و کرست هذه المرأة كل وقتها لتربية إبنها حتى أنها رفضت كثيراً من طالبيها للزواج وضحت بكل شيء في سبيل تعليم وتربية إبنها، وفي يوم من الأيام تأخر ابنها على غير عادته وعندما حضر سالته لماذا تأخرت اليوم خارج البيت؟
فقال لها لقد تعرفت على صديقي وذهبت معه إلى شاطئ البحر فسرقنا الوقت أنا أسف يا أمي، فقالت له ومن هذا الصديق الذي تعرفت عليه؟ فقال لها واحد لا أظن أنك تعرفينه، فقالت وهل هو صديق وفي أم صديق مصلحة؟ فقال لها أكيد صديق وفي يا أمي وإلا أي مصلحة يرتجيها من ورائي..
فقالت له أنا لا أريدك أن تصادق من هب ودب لقد تعبت في تربيتك وأريدك أن تكون أحسن الناس وتصادق أحسن الناس، فقال لها إطمئني يا أمي، فقالت له لكي يطمئن قلبي لابد أن اختبره فقال إبنها وكيف؟ قالت دع هذا لي أما أنت فادعه غداً يتغدى معك وإذا قال لك وما هي المناسبة قل له مناسبة صداقتنا، فقال الولد إن شاء الله يا أمي..
وفي اليوم الثاني قال الصديق لصديقه أنت مدعو عندي غداً على الغداء فقال له صديقه هل عندكم ضيوف؟ فقال له الولد كلا ليس عندنا ضيوف وهل الضيوف أحسن منك ؟ هذا الغداء يا صديقي هو عربون الصداقة ماذا تقول؟ فقال له صديقه أنا حاضر، فقال له صديقه إذاً اتفقنا غداً بعد صلاة الظهر أنتظرك على الغداء.. وفي اليوم الموعود أعدت والدة الولد غداء شهياً وزينته بالبيض والمكسرات والزبيب وعطرته بأحلى البهارات وعندما وصل الصديق الضيف وشرب الشاي ثم القهوة وتعطر بالطيب حسب العادات المتبعة مع الضيوف قام صاحب البيت وأحضر السفرة ثم أحضر التمر ثم أحضر صحن العيش (الأرز) وهي الأكلة الشعبية عندهم ثم ذهب ليحضر الماء فقالت له أمه بعد أن تضع الماء عند الضيف إستأذن منه وقل له البيت بيتك وأنت لست غريباً أنت صديقي تفضل وكل حتى تشبع فأنا أرسلتني والدتي لقضاء حاجة ضرورية وأنت لا تنتظرني فربما يبرد الأكل ..
فقال لها إن شاء الله وأخذ معه الماء ودخل عليه ووضع الماء ثم أخبره بما أوصته به أمه فقال له الصديق وهل ستتأخر؟ فقال ربما فخرج عنه صاحب البيت وذهب إلى أمه وجلسا ينظران إليه من فتحة النافذة أما الصديق لم يكذب خبراً فأسرعت يديه وتقدم ناحية السفرة وأخذ يقطع من اللحم ويأكل وتركاه حتى فرغ من الأكل بعدها سحب نفسه ورجع إلى الوراء وجلس وبعدها بدقائق دخل عليه صاحب البيت وقال له هل أكلت فقال الصديق الضيف نعم أكلت لقد تأخرت علي كثيراً فقال له صاحب البيت بالصحة والعافية تفضل في خارج المجلس واغسل يديك فخرجا وغسل الضيف يده ثم رجعا وشربا الشاي وبعدها استأذن وإنصرف فنادي الولد على أمه وحضرت وتناولا طعام الغداء وقالت له أمه هذا يا بني ليس بالصديق الوفي أرجوا أن تبحث عن غيره فقال لها فعلا يا آمي سوف آبحث عن غیره و ظل الولد علی عادته دون صدیق حتی جاء في أحد الأيام وقال لأمه لقد وجدت لي صديقاً يا أمي فسالته صديق والا أي كلام، فقال نجربه فوافقت الأم وقالت له إدعيه غداً على الغداء..
فذهب صاحب البيت وقال لصديقه أنت يا صديقي مدعو عندي غداً على الغداء فقال له وما المناسبة فقال بمناسبة صداقتنا فقال له صديقه يا أخي ما في داعي للعزائم أنا صديقك ويكفيني أن أكل معاك خبراً جافاً فقال له يا أخي يا صديقي سوف تآكل من غدائنا وليس هناك أي تكليف، فقال له الصديق مادمت مصمماً أنا ليس عندي مانع فقال الولد لأمه خلايا يمه الرجل وافق فقالت له أمه وأنا من غداً سأجهز لكم الغداء وبعد الظهر وصل الضيف الصديق ودخل المجلس فأحضر صاحب البيت الشاي والقهوة والعطر وبعد كل ذلك أحضر السفرة ووضع عليها المقبلات مثل التمر والجرجير والبصل والسمن البلدي ثم أحضر صحن العيش (الأرز) وذهب ليحضر الماء، فقالت له أمه قال له مثل ما قلت لصديقك السابق فقال الولد حاضر يا أمي وبعد أن أدخل عليه ماء الشرب قال له اسمع يا أخي أنت صديقي والبيت بيتك والأكل أمامك وأستأذنك لأغيب عنك حوالي نصف ساعة ويمكن ساعة وأنت تغدى وترى الحال واحد فقال له صديقه وإلى أين أنت ذاهب، فقال له والدتي تحتاج أن أنجز لها شغلة ضرورية الآن وسوف أذهب وأتركك وأنت تغدى قبل أن يبرد الأكل، فقال له صديقه ولا يهمك إذهب أنت واقض حاجة أمك ثم إرجع وأنا سأتدبر نفسي..
فخرج الولد وترك الصديق جالس وأمامه الأكل فقام الصديق وخلع غترته وغطا بها صحن الغداء وما حوله ثم سحبه إلى جانب المجلس و ترکه وجلس هو بجانب شباک الجلس المطل علی الشارع يتفرج بينما الولد وأمه ينظران إليه وظل هكذا مدة ساعة وبعد ساعة دخل عليه صاحب المنزل وقال له أرجوا أن يكون الأكل أعجبك فقال له الصديق سيعجبني إذا أكلت معي فقال له صاحب البيت ألم تأكل إلى الآن فقال الضيف وهل يطيب الأكل إلا جماعة وخصوصاً ونحن أصدقاء وسنصبح أخوة إن شاء الله هات الأكل ودعنا نأكل وسحبوا الصحن وأكلوا ثم شربوا ثم رجع الولد إلى أمه فقال لها ماذا تقولين الآن يا أمي العزيزة؟ فقالت له ونعم الصديق هذا الصديق الذي أريده لك وليس الذي قبله فرجع إلى صديقه وأخبره بالقصة فضحكوا وطلت صداقتهم يضرب بها المثل.