قصة الامير والقاضي

منذ #قصص واقعية

اراد احد الامراء ان يتحقق بنفسه من صحة ما قيل له عن وجود قاض عادل في مملكته لا يتمكن احد ابداً من خداعه،

فتنكر الامير في زي تاجر وامتطى جواده وانطلق الى المدينة، وهناك اقترب منه رجل كسيح يطلب منه صدقه فأعطاه فاذا الكسيح يتشبث بردائه، التفت التاجر في تعجب الى الكسيح وسأله عما يريده بعد ان اعطاه الصدقه،

قال الكسيح : بلي لقد اعطيتني ولكن اعمل معي معروفاً وخذني الى ساحة المدينة، فأجابه الامير الى طلبه واوصله الى ساحة المدينة إلا ان الرجل رفض النزول عن ظهر الجواد، فنهره التاجر قائلاً : لماذا ترفض النزول ؟ ها قد وصلنا الى ساحة المدينة، قال الكسيح : ولم النزول والجواد ملكي ؟ استشاط الامير غضباً من الرجل الكسيح واشتد بينهما الخلاف حتى تجمع حولهما الناس واقترحوا عليهما الذهاب الى قاضي المدينة .

مضى الاثنان الى القاضي والناس معهم، وبدأ الحاجب ينادي على المتخاصمين حسب الدور، فاستدعى في البداية نجاراً وسماناً كانا يتنازعان نقوداً بيد التاجر،

قال النجار : اشتريت من هذا سمناً، وعندما أخرجت محفظتي لأعطيه الثمن ، أختطفها من يدى محاولاً انتزاع النقود ، وهكذا جئنا اليك، يده على يدي ولكن النقود هي نقودي انا،

اما السمان قد قال : هذا كذب وافتراء، لقد جاء هذا النجار الي ليشتري مني سمناً وبعد ان ملأت له الابريق بالكامل طلب مني ان افك له قطعة ذهبية، فاخرجت المحفظة ووضعتها على الطاولة فأخذها واراد الهرب ولكنني تمكنت من الامساك به من يده وجئت به الى هنا .

صمت القاضي مفكراً ثم قال : اتركا النقود هنا واحضرا غداً، وعندما حان دور التاجر والكسيح، قص التاجر ما حدث ، ثم أشار القاضى للكسيح أن يأتى بحجته،

فقال الكسيح : كل هذا كذب، لقد كنت ممتطياً جوادي في ساحة المدينة، اما هذا الرجل فقد كان جالساً على الارض، وطلب مني ان احمله فسمحت له بركوب الجواد ونقلته الى المكان الذي يريده ولكنه رفض النزول بعد ذلك وادعى ان الجواد ملكه، فكر القاضي قليلاً ثم قال : اتركا الجواد عندي واحضرا غداً .

وفي اليوم التالي اجتمع المتخاصمون في المحكمة للاستماع الى حكم القاضي، فتقدم النجار والسمان أولاً لمعرفة الحكم، قال القاضي للنجار : النقود ملكك، ثم اشار الى السمان قائلاً : اما هذا فاضربوه بالعصا خمسين مرة، ثم استدعى القاضي التاجر والكسيح وسأل التاجر : هل تستطيع معرفة جوادك من بين عشرين جواداً؟ قال التاجر : نعم، فسأل القاضي الكسيح نفس السؤال فأجاب نعم، اخذ القاضي الاثنان الى الاسطبل فاشار التاجر على الفور الى جواده الذي ميزه بين عشرين جواداً وكذلك تعرف الكسيح على الجواد .عاد القاضي الى المحكمة وقال للتاجر : الجواد جوادك فخذه، اما الكسيح فاضربوه بالعصا خمسين مرة، بعد انتهاء المحاكمة ذهب القاضى إلى بيته، فتعقبه التاجر، التفت اليه القاضي وسأله عن الذي يريده،

اجاب التاجر : لقد اردت ان اعرف كيف علمت ان النقود ملك للتاجر وان الجواد لي ؟ قال القاضي : أما أمر النجار والسمان ، فقد وضعت النقود في قدح ماء ، ثم نظرت اليوم صباحاً الى القدح لأرى ما اذا كان السمن طافياً على سطح الماء، فلو كانت النقود عائدة للسمان ، لكانت ملوثة بيديه الدسمتين ولطفا السمن في القدح، واما معرفة مالك الجواد فكانت اصعب بالنسبة إلي، حيث ان الكسيح اشار مثلك الى الجواد على الفور، ولكنني لم اقدكما الى الاسطبل لأرى إن كنتما سوف تتعرفان على الجواد، بل فعلت ذلك لأرى ايكما سيتعرف عليه الجواد، عندما اقتربت أنت منه التفت برأسه ، ومده إليك ، وعندما اقترب الكسيح إليه رفع أذنيه وقائمته مستنكراً ، وبهذه الطريقة عرفت انك صاحب الجواد .في هذه اللحظة قال التاجر : انا لست تاجراً، بل انا امير البلاد وقد جئت إليك لأعرف حقيقة ما يقال عنك، وها انا رأيت بنفسي انك قاضي حكيم وعادل فاطلب مني ماشئت لأكافئك به، قال القاضي: شكراً لك أيها الأمير، فأنا لا أحتاج مكافأة على أداء عملي بصدق .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك