قصة حقائق مروعة عن محاربي شعب الماوري، الشعب الأصلي لنيوزيلاندا


جاء شعب الماوري إلى نيوزيلاند، والذي لا يزال مستوطناً هناك، من منطقة جغرافية مؤلفة من مجموعة كبيرة من الجزر المبعثرة تُعرف باسم بولونيزيا. وصل الماوري على شكل دفعات ضمن زوارق، ومن المرجح أن تاريخ وصولهم يعود إلى الفترة الواقعة بين عامي 1250 و1300 ميلادي، وأسسوا مجتمعاً ثرياً ومعقداً اعتمد على ثقافة المحارفين المرعبين. وصف الأوروبيون محاربي الماوري الذين التقوا بهم بالرجال كبار الحجم، على الرغم من أن النساء أيضاً قد يصبحن محاربات، بالإضافة إلى الوشوم التي امتلأت وجوههم بها.

على الرغم من منظرهم المرعب والمخيف، لكن تلك المعالم الجسدية والفيزيائية ليست سوى جزء صغير من الأسباب التي تجعل هؤلاء المحاربين من أخطر وأكثر القتلة رعباً. تعرفوا معنا على حقائق تاريخية عن محاربي الماوري تقشعر لها الأبدان:

تحذير: تحوي هذه المقالة معلومات أو شروحات قد لا تلائم البعض لقسوتها

1. حفر المحاربون الوشوم على وجوههم

كان للوشوم معانٍ خاصة بالنسبة لشعب الماوري، رجالاً ونساءً على حد سواء. وكان الوجه أكثر الأماكن شيوعاً لحفر تلك الوشوم، على الرغم من أن العنق والجذع والأطراف كانت أيضاً مناطق شائعة. بدأ معظم شعب الماوري بالحصول على الوشوم منذ بلوغ سن المراهقة.

كان كل تصميم فريد من نوعه، لكن أغلب الوشوم كانت ذات شكل حلزوني. وغالباً ما تلقى الماوريون تلك الوشوم خلال المناسبات، وكان كلّ خط يدل على شجاعة المرء وقوته.

بالمناسبة، لم يكن الماوري يستخدمون إبر الوشم لحفر تلك الوشوم، بل كانوا يحفرونها في الجلد مباشرة باستخدام مطرقة وإزميل، وكانت تلك تُصنع من العظام، بينما كان الحبر يُصنع من الرماد والدهون. أدت تلك الوشوم إلى حفر علامات مخططة على الجسد، أي لا يكون الجسد أملساً مثلما يتم الوشم اليوم.

!@!
2. رقصة الحرب

تُعد رقصة الحرب إحدى أشهر التقاليد والعادات التي استخدمها شعب الماوري، ولا يزال الماوري يستخدمونها اليوم في الفرق الرياضية الوطنية، وتُعرف تلك الرقصة الأصلية باسم «هاكا».

خلال تلك الرقصة، يقوم المشاركون بالغناء والطرق بأقدامهم على الأرض، ويخرجون لسانهم من فمهم ويفتحون أعينهم. تؤدى هذه الرقصة اليوم للترحيب الضيوف والزوار المهمين، لكنها كانت رقصة حرب في السابق.

استخدم الماوري القدماء هذه الرقصة لهدفين، الأول هو لتحدي الأعداء، أما الهدف الثاني فهو الاستعداد للمعركة خلال طقس خاص. وبالمناسبة، كان كبار القبيلة يتنبؤون بمجريات المعارك من خلال هذه الرقصة، فإذا شعروا بوجود خطب ما أثناء أداء الرقصة، كانوا يلغون الخطط أو يعدلونها.

3. استخدم الماوري هراوة على شكل ورقة شجر لتحطيم جماجم أعدائهم

كانت تلك الهراوة من أشهر الأسلحة التي استخدمها محاربو الماوري. وهي على شكل أوراق الشجر أو قطرات الدموع، وصُنعت غالباً من العظام أو اليشم أو الحجارة. عمل الماوري أيضاً على تزيين تلك الهراوات، فكانت أقرب إلى التركة التي يرثها المرء من أجداده، نظراً للوقت الكبير الذي يتطلبه صنعها.

كانت تلك الهراوة حادة وقاسية، واستُخدمت في المواجهات القريبة. وعلى الأرجح أن محاربي الماوري هاجموا أعدائهم من القبائل الأخرى باستخدام هذه الهراوة، فكانوا يلوحون بها حتى يضربو كتف الخصم، وعندها قد يؤدي ذلك إلى كسر عظم الترقوة أو كسر أو خلعٍ في الكتف. لذا، سيفقد الخصم القدرة على الدفاع عن نفسه، مما يسهل إنزال ضربة قاضية على الرأس، وغالباً ما كانت الضربات تُصوب نحو الصدغ حيث يوجد خلفه نقطة تشريحية في القحف تُدعى الجُنيحَى، وهي أضعف نقطة في جمجمة الإنسان. لذا، لا يتطلب الأمر سوى ضربة واحدة قوية على تلك المنطقة.

4. كان الماوري يدفنون موتاهم، ثم ينبشون القبر ويعيدون عملية الدفن من جديد

كان لشعب الماوري طريقة غير عادية وعجيبة لدفن موتاهم. فمنذ الفترات المبكرة لثقافة الماوري، كان الناس يدفنون موتاهم مرتين. في المرة الأولى، تجري عملية الدفن بعد أسبوع أو أسبوعين من وفاة المرء، فتُلف الجثة في حصرٍ وتُدفن وتترك حتى تتعفن.

ثم بعد مرور سنة تقريباً، يعيد الماوري نبش القبر واستخراج العظام وكشط الجلد العالق بها. ثم يطلون تلك العظام بالمغرة الحمراء، وهو صباغ طبيعي. ثم يأخذون تلك البقايا إلى مستوطنات وأماكن أخرى ليعيدوا دفنها من جديد.

هناك أيضاً مراسم أخرى تجري في مكان مقدس قبل عملية الدفن الثانية. وعند اكتمال عملية الدفن الثانية، يُعتقد أن روح المرء تتابع حياتها.

5. استراتيجيات الحرب

دُعيت الفرق الحربية باسم «هابو»، وتألفت عادة مما لا يزيد عن 100 رجل، وقد حارب النساء أيضاً في بعض المناسبات إلى جانب الرجال. وفي بعض الأحيان، التحقت عدة فرق حربية مع بعضها، لكن مع تزايد عدد المحاربين تصبح تلك الفرق أقل تنظيماً.

تدرب محاربو الماوري على أساليب القتال منذ مراحل عمرية مبكرة، فكل ذكر يتدرب ليصبح محارباً. المثير للاهتمام أن محاربي الماوري تدربوا على قوة المعصم بشكل خاص، والسبب على الأرجح أن أسلحتهم، كالهراوة السابقة، تطلبت قوة كبيرة كي تصبح أكثر فاعلية.

أما عن استراتيجيات الهجوم، فكان الماوري مثلاً يتسللون خلسة إلى مستوطنات الأعداء، أو يدعون أنهم صيادون ولا يرغبون بالهجوم على الغير. لكن عندما يصبحون على مقربة من أعدائهم، سيبدأ الهجوم، وغالباً ما يكون في ساعات الفجر.

كان الماوري أيضاً يقتلون جميع الرجال في القبائل المعادية كي لا يتمكنوا من تنظيم أنفسهم والعودة للانتقام. أما النساء، فيصبحن غنائم حرب.

6. اتخاذ رؤوس الأعداء جوائزاً تذكارية

كان لرؤوس الأعداء المهزومين أهمية خاصة لدى شعب الماوري، فمن المعروف أنهم يأخذون رؤوس ضحاياهم معهم، ثم يزيلون الدماغ والعينينن ويغلقون جميع الفوهات في الجمجمة بألياف الكتان والصمغ. يُغلى الرأس أو يُحمص في فرن، ثم يُجفف في الشمس لعدة أيام، وأخيراً، يُدهن بزيت القرش.

لماذا أبقى الماوري على رؤوس أعدائهم؟ الجواب بسيط وغريب حقاً، وهو فقط للسخرية من هؤلاء الأعداء المهزومين. جاء في شهادة لأحد المستكشفين قصة عن زعيم محلي يتكلم مع رأس زعيم آخر معادٍ قُتل أثناء معركة:

أردت الهرب أليس كذلك؟ لكن هراوتي قضت عليك! وبعد طهيك، أصبحت طعاماً لي!

وأين والدك؟ أصبح طعاماً.

وأين أخاك؟ أُكل.

وأين زوجتك؟ تجلس هناك، إنها زوجة لي الآن.

وأين أولادك؟ هناك أيضاً، يحملون الطعام على ظهورهم بعد أن أصبحوا عبيداً لي.

على الرغم من أن تلك الممارسة جاءت لإهانة الأعداء، لكن الماوري لم يكتفوا بذلك، بل اخترعوا لعبة غريبة من تلك الرؤوس: فكانوا يجمعونها ويكدسونها فوق بعضها، ثم يضعون رأس زعيم القبيلة المعادية أعلى ذاك الركام، ثم يستخدمون الحجارة أو رؤوساً أخرى ليحاولوا إصابة رأس الزعيم الموجود في الأعلى.

7. جيمس كوك ولقاؤه المرعب مع شعب الماوري

حصل اللقاء الأول بين الأوروبيين وشعب الماوري في شهر ديسمبر من عام 1646، عندها رست سفينة هولندية قرب موطن قبيلة ماوري. اتخذ الطرفان جميع أشكال الحيطة والحذر، ما أدى إلى اندلاع قتال صغير ألحق خسائر في كلا الطرفين. بعد تلك الواقعة، أبحر الهولنديون ولم يعد الأوروبيون إلى هناك حتى شهر أكتوبر من عام 1767، عندها ارتحل الملاح الإنجليزي (جيمس كوك) إلى تلك المنطقة ليعثر على القارة الجديدة.

في أول لقاء بين الكابتن (كوك) وشعب الماوري، أرسل (كوك) زورقين حربيين لملاقاتهم. وعندما وصلت الزوارق، وقف محاربين من الماوري بعدتهم ووشومهم الكاملة، وحملوا رؤوس أعدائهم السابقة، المغطاة بالوشوم أيضاً. لاحظ (كوك) وطاقمه على الفور تفاصيل الوجوه، وعرفوا أن تلك الجماجم حقيقية وتعود لبشر لاقوا حتفهم على يد هؤلاء.

رغب (كوك) بالتفاعل مع شعب الماوري بشكل سلمي، لكن باءت جهوده بالفشل جراء سوء الفهم ولجأ الماوري إلى العنف. بالنتيجة، اضطر الأوروبيون لقتل عدد من الماوري للدفاع عن أنفسهم بصرف النظر عن عدم رغبة (كوك) بذلك.

اختطف (كوك) ورجاله بعض محاربي الماوري كي يقنعوهم أنهم جاؤوا بسلام. فعاملوهم بلطف وأطلقوا سراحهم، ما أدى فعلاً إلى تحسن العلاقة بين الماوري والأوروبيين، وكان لذلك دور كبير في تأسيس نيوزيلاندا الحالية التي تقوم على التعايش بين مختلف قاطنيها.

8. أشهر محاربي الماوري: هونغي هيكا

يُعتقد أن أشهر محارب ماوري هو الزعيم (هونغي هيكا)، الذي وُلد عام 1778. عندما كان (هيكا) شاباً، كان محارباً شديد البأس واللياقة، وأصبح من أبرز محاربي قبيلته في فترة قصيرة، وهي قبيلة (نغابوهي إيوي).

كان لزعيم القبيلة علاقات جيدة مع الأوروبيين، ولاحظ فائدة البنادق التي استخدمها هؤلاء في الحروب. لذا استطاع الزعيم عقد صفقة مع الأوروبيين للحصول على العديد من الأسلحة والبنادق عام 1808، ثم انخرطت قبيلته في حرب مع قبيلة أخرى تُدعى (نغاتي وتوا).

أطلق محاربو (نغابوهي إيوي) أعيرتهم النارية، لكن المشكلة أن الوقت اللازم لإعادة تعبئة البندقية يستمر لـ 20 ثانية. فاستغل محاربو (نغاتي وتوا) تلك الفرصة وهجموا على أعدائهم. ذُبح الكثير من أفراد قبيلة (نغابوهي إيوي)، من بينهم الزعيم. بينما كان (هونغي هيكا) واحداً من المحظوظين القلائل الذين بقيوا على قيد الحياة.

وإثر موت الزعيم، كان (هونغي هيكا) أكبر رجال القبيلة، فأصبح زعيماً لها. من المفترض أن تحبط تلك الهزيمة مخططات استخدام البنادق مجدداً، لكن الزعيم الجديد (هيكا) ارتأى أن البنادق سلاح شديد الأهمية في الحرب. لذا حاول التقرب من الأوروبيين، حتى أنه زار أستراليا وانجلترا، وبالطبع، كان مظهره مريباً جداً في تلك الدول. يُقال أيضاً أن (هيكا) تحوّل إلى المسيحية وأقام أول بعثة مسيحية تبشيرية في نيوزيلاندا.

منحته تلك العلاقة الجيدة مع الكنيسة القدرة على الوصول إلى عددٍ أكبر من البنادق لأنه أقسم على الدفاع عن الكنيسة والمسيحية. لكن المشكلة أن الأوروبيين أرادوا أمراً آخراً مقابل تلك الأسلحة، وهو أمر ليس بالجيد أبداً: فعندما أصبحت التجارة أكثر شيوعاً في المنطقة، جُلب أسرى الحرب والعبيد الذين أرادوا البقاء على قيد الحياة إلى الأوروبيين، ثم يختار هؤلاء ما يريدونه من رؤوس، فيقوم الماوريون بوشم تلك الرؤوس وقطعها. تدفقت السوق برؤوس أفراد الماوري المقطوعة، والتي كانت تباع بما يقارب 2 جنيه إسترليني، وهو ما يماثل أجر أسبوع من العمل في انجلترا.

بصرف النظر عن تلك الممارسات الشنيعة، تمكن (هونغي هيكا) من الحصول على 3000 بندقية والكثير من الأعيرة النارية والبارود خلال سنوات زعامته التي دامت لـ 10 سنوات. بدءاً من عام 1818، ذبحت قبيلته الكثير من القبائل الأخرى وسبت نسائها. وخلال عام، أحكم (هيكا) سيطرته على شمال نيوزيلاندا. لكن الحصول على البنادق لم يقتصر على (هيكا) وقبيلته، ولاحقاً، تمكنت القبائل الأخرى من جلب أسلحتها هي الأخرى. توفي (هيكا) إثر رصاصة في الرئة عام 1828.

9. وأد البنات

كالعديد من القبائل والثقافات المحاربة، كان وأد البنات شائعاً لدى الماوري، والسبب هو أن القبيلة احتاجت رجالاً أكثر من النساء، باعتبار أن كل ذكر سيصبح محارباً وبالتالي تكون القبيلة بحاجة إلى عدد جيد من المحاربين لتضمن نجاتها. كما أن الرجال يُقتلون في المعارك بشكل أكبر، لذا سيوجد خلل في معدل الإناث إلى الذكور. وللأسف أيضاً، كان وأد الأطفال شائعاً إذا كان الطفل يعاني من مرض أو تشوه ما.

حدد الماوري 5 طرق لوأد الأطفال. إما تحطيم الجمجمة أو الإغراق في حوض حجري مملوء بالماء أو الشنق أو الخنق، وأخيراً –وتلك أكثر الطرق وحشية– عن طريق ضغط الأم على المنطقة الملساء من الجمجمة ما يؤدي إلى الوفاة على الفور.

10. ربما كان الماوري يأكلون لحوم البشر

أضفنا كلمة «ربما» لأن هذه المعلومة موضع جدل كبير. يعتقد بعض المؤرخين أن الأوروبيين هم من حاولوا تصوير الماوري كمخلوقات متوحشة. لكن مع وجود شهادات عيان عن أكل لحوم البشر، يشير تاريخ القبائل المروي والدلائل الأثرية بشدة إلى احتمال أن يكون محاربو الماوري قد تناولوا لحوم أعدائهم المنهزمين.

هناك عدد قليل من الأسباب تدفع الماوري إلى تناول لحوم البشر، والجوع ليس واحداً منها على الإطلاق. إحدى الأسباب هي ما عُرف عندهم بـ «قبول الروح» أو «مانا». هناك فرضية أخرى تشير إلى أن أكل لحوم البشر كان جزءاً من سياق المعركة عموماً. بينما تشير فرضية أخرى أن الماوري لجؤوا لهذه الطريقة كي يرسلوا رسالة تحذيرية لأعدائهم. حيث يُعتقد أن الماوري أذلوا أعدائهم عن طريق قتلهم وقطعهم وأكلهم، ثم إخراجهم على شكل مفرزات!

سواء كانت المعلومة الأخيرة صحيحة أم لا، لا يزال شعب الماوري موجوداً حتى اليوم، وهو مصدر فخر وطني ولا يمت لتلك الممارسات الموغلة في القدم بصلة.

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك