ارتداء الأحذية ، ذات الكعوب المرتفعة والعالية ، كثيراً ما نراه في أقدام النساء ، وبالطبع لم يخطر ببالنا يوماً أن هذا الاختراع ، كان من الأساس قد تم تصنيعه ، لكي يلائم الرجال ! ولكنها الحقيقة ، بالفعل تم اختراع الحذاء ذو الكعب العالي للنساء ، في فترة القرن السابع عشر ، مع بدايته تحديداً ، أما قبل أن يتم تصنيع هذا الاختراع ،وعلى مدار سبعة قرون منصرمة ، كان هذا الاختراع مقصوراً على الرجال فقط ، وتلك هي قصة الاختراع وتطوره .
البداية في بلاد فارس : تم تصنيع الحذاء ذو الكعب العالي ، من أجل الرجال ، وذلك قبل أن تقم النساء بارتدائه ، حيث كان قد ظهر لأول مرة ، خلال فترة القرن التاسع الميلادي ، وانطلق من بلاد فارس بالأساس ، فارتداه المحاربون من أجل امتطاء الجياد ، حث حافظ هذا النوع من الأحذية ، على ثبات الفرسان فوق الأحصنة ، خاصة وأنهم قبل اختراع الحذاء ذو الكعب العالي ، لم تكن أقدامهم تثبت على السرج .
ونجد المحاولات الأولى لتصنيع هذا النوع من الأحذية ، قد تم الحفاظ عليها بمتحف باتا ، في مدينة تورونتو الكندية ، حيث تعرض الأحذية الأولى لركوب الخيل ، والخاصة بالفرسان الذكور .
انتقال فكرة الحذاء ذو الكعب العالي إلى أوروبا : أما عن انتقال الفكرة ، من بلاد فارس وحتى دول أوربا كلها ، عن طريق الدبلوماسيين الفارسيين ، الذين كانوا يرتدون تلك الأحذية ، نظراً لتمكنهم من ركوب الخيل ، فكانوا يظهرون بها بكل فخر ، كإحدى علامات الفروسية لديهم .
وكان ذلك قد حدث في عام 1559م ، عندما زار وفد من بلاد فارس ، دولة فرنسا لبحث العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ، خاصة وأن بلاد فارس ، كانت تبحث عن حليف لها في حروبها ، لمواجهة الدولة العثمانية .
كان هذا الوفد الفارسي ، قد انطلق في رحلته ، بداية من موسكو لينتهي بهم المطاف في لشبونة ، ليلفتوا أنظار العالم الأوروبي ، لأحذيتهم المميزة ، ذات الكعوب العالية ، فكانت بالنسبة لهم اختراعاً جديراً بالملاحظة ، حيث ساعد الفرسان في الحفاظ على أقدامهم ، ثابتة داخل سرج الخيول .
رمز الأرستقراطية ودائرة الملك المقربة : انتقلت الفكرة إلى أوروبا بعد ذلك ، وانتشرت بسرعة حتى أن الكعب العالي للرجال ، كان له شعبية كبيرة بينهم ، خاصة بين أفراد الطبقات النبيلة ، فكان من يمتلك حذاء بكعب عالٍ ، كان ينظر إليه أنه ذو ذكورة وله هيبة ، حيث كان الرجل يبدو أطول مما كان عليه .
وشهدت فترة حكم لويس الرابع عشر ، لفرنسا منذ عام 1643م إلى 1715م ، افتتان واضح وقوي بكل ما هو فارسي ، خاصة وأن الملك الحاكم ، كان طوله أقل من متوسط طول الرجل الفرنسي العادي في ذلك الوقت ، فقد كان يبلغ حوالي 162 سم ، وكان متوسط الطول آنذاك 165سم .
ومن أجل ذلك ، عمد لويس الرابع عشر ، إلى ارتداء الأحذية بكعوب عالية لعشر سم ، فبدا أطول مما كان عليه ، وهذا الأمر منحه ثقة عالية بنفسه ، فقام بنقش صوراً من معاركه وانتصاراته على الأحذية ، ثم أمر أن يرتدي تلك الأحذية ، وأن تكون ذات كعب أحمر اللون ، للطبقة الأرستقراطية فقط ، والمقربة من الملك .
ولهذا كان يمكنك معرفة الطبقة ، التي ينتمي إليها الرجل من لون كعب حذائه ، فإذا كان باللون الأحمر ، تعرف على الفور أنه من النبلاء ، والمقربين من الملك ، حيث أصبح ارتداء الأحذية ذات الكعب العالي ، سمة تميز ذكور الطبقات النبيلة .
انتقال ارتداء الكعب العالي إلى النساء: في أوربا خلال هذا الوقت ، كانت هناك حركات نسائية تدعو للمساواة مع الرجال ، خاصة بعدما استشرى كل ما هو فارسي في كافة أنحاء أوربا ، فبدأت النساء في تفصيل الأحذية ، ذات الكعوب العالية ، وارتدائها سعياً لتحقيق المساواة .
وقد ذكرت إليزابيث سيملهاك ، ممثلة متحف باتا للأحذية ، أن النساء في تلك الفترة قد قصصن شعورهن ، وأضفن الأكتاف إلى الملابس ، وبدأن في تدخين الغليون ، مع ارتداء للقبعات الذكورية ، إلى جانب ارتداء الحذاء ذو الكعب العالي ، ليحل عليهن القرن السابع عشر ، وتتمسك النساء من كل ذلك ، بهذا الحذاء الذي تم تصنيع ، الكعب العريض منه للرجال ، والكعوب الرفيعة خاصة بالنساء ، لتنتقل تلك الصيحات تدريجياً ، من الطبقات الثرية ، إلى المتوسطة والعامة على حد سواء ، بعد أن تحررت من الاقتصار على النخبة .