تعد قلعة صلاح الدين الأيوبي ، أو قلعة قايتباي من أعرق المباني والقلاع الأثرية داخل مصر ، حيث تجاوز عمرها أكثر من تسعمائة عاماً منذ إنشائها ، وكان الهدف منها هو صد هجمات الأعداء عندما يأتون للإغارة على مصر ، فكانت مثل قلعة محصنة عسكرية وتحمي المدينة من هجمات العدو ، ومع مرور الوقت تحولت القلعة إلى مقر للحكم ، وموقع آمن للحاكم .
بنى صلاح الدين الأيوبي قلعة قايتباي ، وكان هو صاحب فكرة إنشائها في عام 572هـ ، وذلك حتى تكون حصناً عسكرياً لهم ، تلك القلعة التي حازت على شهرة واسعة ، واتخذها الأيوبيون مقراً لحكمهم حتى جاءت الدولة العثمانية ، ولكن في عهد الخديوي إسماعيل ، تم نقل مقر الحكم إلى قصر عابدين ، بعد ذلك .
شهدت هذه القلعة العريقة ، أكبر مذبحة تاريخية في القرن التاسع عشر ، تلك المذبحة التي أجهز فيها محمد علي باشا ، حاكم مصر في هذا الوقت ، على المماليك الطامعين في الحكم وإزاحته عن كرسيه.
وعلى الرغم من مبايعة الشعب لمحمد علي ، إلا أنه كان يواجه عدداً من العقبات ، أولها اتخاذ كافة الأوامر العليا من الدولة العثمانية مباشرة ، وثانياً كان وجود المماليك المنافسين له في الحكم ، أكبر العقبات ولهذا سعى محمد إلى التخلص منهم ، داخل القلعة الحصينة.
شهدت قلعة قايتباي المذبحة الأكثر شهرة حول العالم ، والتي تخلص فيها محمد علي من معارضيه ، وجسدتها رسوم الفنانين حول العالم ، وقد عاش محمد علي بالقلعة إثر تلك المذبحة ، التي ارتكبها عام 1809م ، وحكم مصر من خلالها .
بناء القلعة : وفيما يتعلق بالهدف الذي أسست من أجله قلعة قايتباي ، تعد هذه القلعة واحدة من أكبر الحصون العسكرية على مستوى العالم ، وقد بنيت على إحدى الهضاب مخروطية الشكل ، من جبل المقطم وتعرف باسم ، ربوة الصوت وكان لاختيارها دوافع إستراتيجية ، وعسكرية مهمة ؛ نظراً لتوفير هذا المكان مناخاً جيداً للعسكريين ، حيث قيل أن صلاح الدين الأيوبي ، قد وضع بهذه المنطقة بعض قطع اللحم ، فلم تفسد سوى بعد مرور ثلاثة أيام ، وتعرف تلك المنطقة حالياً باسم ، حي القلعة .
وكان من أشرف على بناء قلعة قايتباي ، هو الأمير بهاء الدين قراقوش ، حيث قام ببنائها مستخدماً أهرامات صغيرة ، حصل من خلالها على الأحجار التي نُقلت لتستخدم في رفع القلعة ، وأحاطها بسور مرتفع وشاهق للغاية ، كان أشبه بأبراج حربية ، اتخذت شكل نصف دائري ، وبها خنادق في المنتصف ، يمكن للجنود الفرار والتخفي من خلالها ، أثناء غزو الأعداء عليها ، وقد اكتمل بناء القلعة كاملة ، في عهد السلطان الكامل محمد ، الذي عمل على الانتهاء من الأسوار والبناء الداخلي للقلعة .
متاحف ومساجد وقصور : تحوي القلعة عدداً من المساجد والمتاحف الأثرية ، والتي تروي قصصاً كثر بشأن الفاطميون ، ومن بين ما تحويه قصر الجوهرة ، والذي يعد أحد أهم وأفخم القصور بداخلها ، ويقع في ناحية الجنوب الغربي من القلعة ، وقد تم تأسيس هذا القصر ، على أنقاض القصور المملوكية ، التي كانت قد شيدت ، في عهد الملك قايتباي .
قصر الجوهرة ليس الوحيد داخل القلعة ، بل نجد أيضاً متحف الشرطة الواقع بالناحية الشمالية من القلعة ، والذي يُعرض بداخله تصورا مهمة ، لمحمد علي وزيه العسكري ، وبعض الدروع التي كان يرتديها ، بالإضافة إلى بعض الأسلحة الأثرية ، والتي تطورت على مر العصور منذ عهد إنشاء القلعة .
أشهر سجن : تضم القلعة أيضاً أكبر وأشهر سجون مصر ، على مدار التاريخ والذي قد تم إنشائه في العصر الإسلامي ، واشتهر باسم سجن الرحبة ، نسبة إلى السجين رحبة باب العبيد ، وقد تحول هذا السجن من سجن سياسي ، إلى سجن لأرباب الجرائم منذ عام 820هـ ، وقد استخدمه ملوك وسلاطين العصور الحديثة ، كمعتقل سياسي كبير .