على مدار سنوات عدة ، عانت عائلة ريتشفورد من مصائب ، جمة ألمت بأفرادها واحدًا تلو الآخر ، فمنهم من انتحر قفزًا من النافذة ، وآخرون ماتوا بإطلاقهم الرصاص على رؤوسهم ، بينما من ظل على قيد الحياة تم إيداعه مصحة أمراض عقلية ، من أجل الخضوع للعلاج . ما لفت النظر في قصة عائلة ريتشفورد ، هو أن من لقوا حتفهم داخل المنزل ، وُجدت جثثهم وهم نائمون ، ينظرون للأعلى وأفواههم مفتوحة عن آخرها ، ويحدقون برعب شديد وكأنهم قد رأوا شيطانًا مريدًا قبيل وفاتهم ، فما حدث لتلك لعائلة ؟ في النهاية انقرضت عائلة ريتشفورد ، نعم قد لا يصدق البعض هذا الأمر ، ولكن تلك هي الحقيقة ، ماتت العائلة بأكملها ولم يعد هناك فردًا منها على قيد الحياة ، وتم إيداع آخر أفرادها مصحة أمراض عقلية عام 1930م ، وسرعان ما ترك المنزل خاويًا على عروشه ، لتنطلق حوله الشائعات بشأن سكنى الجن به ، وقيل أيضًا أن هذا المنزل ما هو إلا بوابة عبور للعالم الآخر. تدنى ثمن المنزل كثيرًا ، بسبب تلك الشائعات التي لحقت به ، وهنا تدخل المصرفي الشهير حجونسون بشرائه ، فقد كان رجلاً عقلانيًا ولا يؤمن بالخرافات ، ووجد في هذا المنزل ثمنًا متميزًا ، وفرصة لا يمكن تفويتها . فقام السيد جونسون بترميم المنزل وإعادة طلائه ، ثم انتقل هو وعائلته للسكن به عقب الانتهاء من إعادة تجديده ، ولكنهم لم يلبثوا أن قضوا يومين حتى ظهرت الأمور الغريبة والمرعبة في الأفق ، فبدأت الأبواب تنفتح وتنغلق من تلقاء نفسها ، وتتكسر الأواني دون أن يمسها أحدهم ، ناهيك عن الصرخات المتواصلة والأصوات المعذبة ، التي تنطلق في منتصف الليل ، معلنة هجوم تلك الكائنات المجهولة على من بالمنزل. بدأت الإبنة الصغرى للسيد جونسون في المعاناة ، من أعراض غريبة طالتها فشحب وجه الطفلة وانقطعت عن تناول الطعام والشراب ، وأصبح الأرق والقلق رفيقيها الدائمين ، فألح عليها أبيها لمعرفة ما يحدث معها ، ولكنها كانت ترفض الحديث حتى أجهشت في إحدى المرات بالبكاء ، وروت له بأنها دائمًا ما تجد قطًا أسود اللون يجلس عند طرف الفراش ، كل ليلة ينظر لها بكراهية وحقد واضحين ، وأحيانًا ما تجد رجلاً بشع الملامح في غرفتها يجرها من شعرها ويؤذيها . كان السيد جونسون قد بدأ يصدق ، أن ما يحدث ليس له علاقة بالبشر وأنه بالقطع يتعلق بالعالم الآخر ، إلا أنه لا يملك دليلاً واحدًا يقدمه لنفسه أولاً ، بأن هذا بفعل أرواح تسكن المنزل . بعد إلحاح شديد من زوجته ، وافق السيد جونسون على شراء منزلاً آخر لعائلته ، ولكنه أصر على المكوث بهذا المنزل لمعرفة سر ما يحدث ، ونصحه بعض المقربين بالاستعانة بوسيطة روحية ، تسكن في وسط المدينة وتدعى إليزابيث ستولورت ، ولكن جونسون رفض قائلاً لن ألجأ للمشعوذين أبدًا ، ولكن لسخرية القدر تبدل رأيه عقب يومين فقط ، فأثناء نومه نهض في منتصف الليل بعدما شعر بأن هناك ، شخص ما بالغرفة ليفاجأ بقط أسود يجلس على طرف الفراش ، ويحملق به بخبث وكراهية شديدة . فانطلق جونسون وفتح أضواء الغرفة ، وبحث كثيرًا عن القط ولكنه اختفى ، نعم بهذه البساطة على الرغم أن النوافذ والأبواب كانت موصدة ، فمن أين أتى وأين ذهب . بالطبع ما حدث دفع كافة أنواع الهلع ، إلى قلب جونسون الذي قرر أخيرًا أن يستعين بالوسيطة الروحية كما نصحه المقربون ، وفي ليلة عاصفة حضرت الوسيطة الروحية للمنزل ، ولكن ما أن دخلت حتى انقلب وجهها فزعًا وقالت أن هناك قوة شريرة ، تسيطر على هذا المنزل المشؤم ، وأمرت الجميع بتخفيض الإضاءة والأصوات ، وعقب الانتهاء اتخذ جونسون وأصدقائه الثلاثة والسيدة إليزابيث ، مقاعدهم حول الطاولة التي أعدوها من أجل جلسة تحضير الأرواح . بدأت السيدة إليزابيث تتمتم بكلمات غير مفهومة ، وترسم بأصابعها إشارات في الهواء ، ثم فجأة ودون مقدمات ابيضت عيناها ، وتحولت ملامحها إلى أخرى قاسية ، ثم ظهر دخان أبيض من منتصف الطاولة وتجسدت إلى جوارهم لتأخذ هيئة رجلاً ، مرعب الملامح بشدة وله أربعة أقدام .
بالطبع انشغل الجميع بهذا الكيان الذي ظهر فجأة ، من العدم وبينما هم كذلك أخرج أحد أصدقاء السيد جونسون ، كاميراته من حقيبته التي أخفاها عنهم جميعًا ، ثم التقط صورة لهذا الكيان الذي ظهر ، وما أن فعل حتى اهتزت أركان المنزل وصدر صوت كالرعد ، يتوعد كل من بالجلسة بالانتقام الشديد ، ثم سقطت إليزابيث أرضًا مغشيًا عليها . قالت إليزابيث غاضبة أن بينها وبين كائنات العالم الآخر وعدًا وميثاق ، وقد أخل صديق جونسون بهذا الميثاق عندما التقط تلك الصورة ، ولابد له من التخلص منها حتى لا ينتقم منهم جميعًا ، فوعد الرجل بتدمير الصورة ، ولكنه حنث بوعده ففي صبيحة اليوم التالي ، قرأ الجميع في الصفحة الأولى من الصحيفة المحلية ، عنوانًا بشأن أول صورة لجني في العالم ، وبالفعل ما أن نُشر الخبر حتى حدث الانتقام . عُثر على جثة السيدة إليزابيث ملقاة بالغابة ، وقد قطعت أطرافها وتم نزع فروة رأسها واقتلعت عيناها وألقيت إلى جوار جثتها ، واحترقت جثة الصحفي الذي قام بنشر الصورة ، داخل منزله عقب أن اندلعت به النيران فجأة ، بينما عُثر على السيد جونسون وقد قطع شرايينه ، منتحرًا بدورة المياه بمنزله ، في حين أودع الصديقين المتبقيين على قيد الحياة ، بمصحة الأمراض العقلية . ليعود منزل عائلة ريتشفورد خاليًا ، مرة أخرى عقب أن أودى بكل من فيه ، ليحترق كاملاً عقب تلك الأحداث بعدة أيام ، وكأنه لم يكن منتصبًا في تلك البقعة من قبل ، ويتحول إلى رماد فقط .