العلاقة بين كل من الإنس والجن ، قديمة منذ الأزل ، ولطالما بحث الإنسان بشأنها فكل ما هو غير مرئي ، بالنسبة للإنسان هو أمر قابل للبحث ، والتحميص خاصة إذا ما ارتبط الأمر ، بأضرار ونتائج سلبية وسيئة ، أتت على قوة الشخص وبدأت في تدميره . وكثيرًا ما لام الأطباء النفسيون على الوساس ، الذي ينخر أدمغة ونفوس البشر ، ويدفعهم لارتكاب الجرائم في بعض الأحيان ، وهو الأمر الذي كان قد انتشر في فترة العصور الوسطى ، التي سيطرت بها الخرافات على العقول أيما سيطرة ، ولكن هل تختلف قصة مايكل تايلور عن هذه الأمور ؟ مايكل تايلور رجل ثلاثيني ، يعيش في مدينة أوسيت البريطانية ، ويعمل في محل جزارة خاص به ، بعد أن منعته إصابة قديمة بالرأس من حصوله على وظيفة حكومية كما كان يرغب . كان مايكل عطوفًا ومحبًا لغاية ، حيث تزوج من السيدة كريستين وكان له منها خمسة أطفال ، وكان بيتهم مليئًا بالمحبة والعطف ، إلا أن مايكل كان أحيانًا ما يدخل في فترات انعزال ، ويبتعد عمن حوله من البشر وكان البعض يبرر ذلك ، بتلك الوظيفة التي لم يحصل عليها ، وأنه دائمًا ما كان ير نفسه في مكان أفضل من مجرد ، بيع اللحوم في جزارة خاصة به . لم يكن مايكل يحضر جلسات يوم الأحد بالكنيسة ، وهذا ما لفت نظر القس إليه ، فأخبره أن هناك مجموعة دينية ، يجتمعون بقيادة فتاة عشرينية تدعى ، ماري روبنسون وهي قائدة المجموعة . ذهب مايكل لرؤية المجموعة تلك ، وانجذب بشدة لماري وشخصيتها القيادية ، على الرغم من صغر عمرها فهي لم تتعد الحادية والعشرين من العمر ، ولكنها كانت قائدة مثالية ، أخذ بعد ذلك مايكل في الانتظام بالحضور للكنيسة ، ومن ثم المجموعة الدينية التي كانت تقيم ، طقوسها يوميًا بعد منتصف الليل ويرتلون فيها بعض التلاوات ، ويقومون بجلسات طرد المس الشيطاني كذلك . لاحظت كريستين الغياب المتكرر ، لزوجها عن المنزل وتعقبت الأمر حتى توصلت إلى المجموعة ، التي ذهب منتميًا لهم ، وبالطبع غارت الزوجة من ماري ، وظنت أن زوجها على علاقة حميمة بماري ، وظلت صامتة طويلاً إلى أن انفجرت ، في أحد الأيام بالكنيسة واتهمت زوجها وماري ، بأنهما على علاقة حميمة مما تسبب في فضيحة لهما ، ولكن مايكل لم يتخذ ضد زوجته ، أية إجراءات قاسية ، وذلك بعد أن هدأ الجميع من روعها وأخبرها القس ، بأنه هو من طلب منه الحضور في مجموعة ماري ، من أجل أن يتخلص من خطاياه ويلتزم بالحضور بالكنيسة . على الرغم من هدوء مايكل تجاه زوجته ، إلا أنه قد تبدل به الحال فجأة ، وصار ينظر لماري بنظرات كراهية وشراسة ، إلى أن هاجمها في أحد المرات وسبها بشتائم بشعة ، ثم لم يلبث أن اعتذر لها بعد ذلك مؤكدًا أنه لا يتذكر هذا الأمر ، وأنه قد تعدى عليها لفظيًا على الرغم أن الجميع يؤكدون له ذلك .
أقرت ماري أنها قد لمحت نظرات شرسة ، وشريرة في أعين مايكل وأخبرت القس ، الذي ما لبث أن قام هو وزملائه بفحص مايكل ، ليؤكدوا أنه قد تم مسه بروح شيطانية ، ولابد من عمل جلسة لطردها وتخليصه منها . بعد ذلك بعدة أيام ، اجتمع بعض القساوسة وخمسة من أعضاء لجماعة التي انتمى لها مايكل ، وزوجته أيضًا وقاموا ببدء جلسة لطرد الأرواح ، وما أن بدؤا بترتيل بعض التلاوات حتى تحول مايكل ، إلى وحش شرس وأخذ يبصق عليهم ويهددهم بالقتل ، ويسبهم بألفاظ بشعة ، فما كان منهم سوى أن قيدوه إلى أحد المقاعد واستمرت الجلسة ثمان ساعات ، كاد أن يتخلص فيها مايكل من وثاقه ، حيث اجتاحته قوة غريبة وغير طبيعية . بينما أصاب الجميع الإرهاق والتعب ، وأخبر القساوسة زوجته بأنهم قد طردوا أربعين شيطانًا كانوا يتسببون ، له في الشهوات الجنسية والغضب والنزعة الحيوانية ، والإلحاد والفجور ، بينما ظل في جسده ثلاثة من الشياطين يتسببون في نزعات القتل والغضب والجنون . وتعرض مايكل خلال تلك الجلسة للتعذيب ، النفسي والجسدي حيث وضع القساوسة صليبًا داخل فمه حتى يمنعونه من الكلام والحديث السيئ ، ومقاطعة التراتيل الدينية ، إلا أنه كان يتحدث أثناء الجلسة . في تلك الليلة أخبرت زوجة أحد القساوسة ، أنها قد رأت رؤيا بأن مايكل يقتل زوجته ونصحته ، بألا يتركه يذهب للمنزل ، ولكن القس طمأنها وأخبرها أنهم جميعًا منهكون وأنه لا ضرر ، من ليلة واحدة حتى يستكملوا الطقوس ويطردوا الشياطين المتبقية . عاد مايكل إلى المنزل برفقة زوجته ، التي ذهبت لتحضير بعض الطعام له ، في حين ذهب هو للاستحمام ، وما أن جهزت الزوجة المسكينة الطعام لزوجها ، حتى وجدت وحشًا مفترسًا متنمرًا لها ، حيث هاجمها مايكل وأنبش أظافره في وجهها وعلى عنقها حتى كاد ينتزع حنجرتها ، واقتلع عينيها ثم مزق جبهتها بأظافره ، والتفت إلى الكلب المسكين ليقطع أوصاله بيديه العاريتين ، ثم خرج إلى الشارع عاريًا يتجول في المدينة ، وهو ملطخ بدماء زوجته والكلب المسكين ، ومن حظ الأطفال الخمسة أنهم كانوا برفقة الجيران وليسوا بالمنزل . بعد خروج مايكل من المنزل بهذا الشكل ، وجده أحد ضباط الدوريات التفقدية ، ونقلته سيارة الإسعاف للمشفى ، وظل بها تحت العلاج النفسي ، إلى أن تمت محاكمته حيث حضر الجلسات بعض من شاركوا ، بجلسات طرد الأرواح وأكدوا أنهم يساعدون من يرغب في المساعدة ، وأنه حقًا عانى من مس شيطاني قوي . بينما أكد الأطباء النفسيون أن ما حدث ، كان تحت وطأة الإصابة بالجنون فأدى إلى حدوث الجريمة ، في حين أكد مايكل بأن زوجته كانت تعاني من مس شيطاني ، وأنه لم يستطيع التخلص من شياطينه سوى بارتكابه لتلك الجريمة ، وبمراجعة التفاصيل تم إيداع مايكل بمصحة للأمراض النفسية والعقلية للعلاج ، وتم منع جلسات طرد الأرواح في مدينة أوسيت البريطانية ، مرة أخرى لتكون بذلك جلسة مايكل ، هي آخر جلسة لطرد الشياطين في المدينة ، ليخرج بعدها من المشفى ، ويعيش في حالة اكتئاب دفعته لمحاولة الانتحار أربعة مرات ونجى منها .