بعض التجارب قد تكون صادمة ولا يصدقها البعض منا ، إلا إذا صادفه الدليل على ما استمع له ، والروح هي أكثر ما يثير تساؤلات النفس بشأنها ، كيف يبدو شكلها ، وكيف يعيش الفرد عندما تخرج الروح من جسده ، ولكن هل يمكن للروح أن تعود إلى الجسد مرة أخرى ؟ قد يكون هذا هو ما اختبره مصطفى في تجربته مع أستاذه . تقول السيدة تقى وهي سيدة مسنة ، تؤجر منزلها إلى الطلاب ، نظرًا لاقتراب منزلها من الجامعة ، وكان مصطفى قد استأجر شقة في منزلي منذ عامين ، طالب ريفي وحيد أتى ليدرس ، ولم أسمع له صوتًا أبدًا ، فهو كان يخرج إلى جامعته بالصباح ، ولا أراه سوى في آخر اليوم عقب عودته فغيره من الطلاب كانوا يحدثون جلبة شديدة ، أثناء دخولهم أو خروجهم من المنزل ، ولكن في تلك الليلة كان مصطفى قد أحدث الكثير من الضوضاء أثناء عودته . تقول السيدة تقى ، منذ أسبوعين مضوا وأثناء جلوسي بشرفة المنزل ، في منتصف الليل تقريبًا ، كنت أقرأ كتابًا وسمعت ضوضاء شديدة ، تأتي من المنزل فأرهفت السمع قليلاً ، فإذا بي أسمع بالفعل صوت جلبة على سلم المنزل فخرجت لأنظر ماذا يحدث ، لأرى شخصًا يزحف على السلم ارتعبت بشدة وقصدت الجدار لأختبئ خلفه ، فقد ذكرني المشهد بأفلام الرعب ولكني سمعت تأوهات مؤلمة لشخص ما يحاول وضع مفتاح في الباب ، فنظرت مرة أخرى لأجده نعم هو مصطفى ، هبطت مسرعة نحوه فنظر لي ، نظرة امتنان أنني قد أتيت إليه ثم سقط أرضًا . فتحت باب الشقة وساعدته على الوقوف ليرتمي بجسده فوق الأريكة داخل ردهة الشقة ، التي يقيم بها ، أحضرت له كوبًا من الماء ، فشربه كله في نهم شديد ثم استرخى قليلاً ، وبسؤالي ماذا بك ؟ أجابني أنه كان لدى البروفيسور الذي يدرس له بالجامعة ، في منزله وأنه قد عاد لتوه من عنده . روى مصطفى ما حدث ، وقال أن البروفيسور عالم كبير في التنويم المغناطيسي ، وله جولات عديدة خارج البلاد ، وأنا بحكم دراستي وشغفي الشديد ، لعلم التنويم المغناطيسي كنت قد جلست برفقته ، فرأيته يتطلع لي بطريقة غريبة ، وكأنه قد وجد ضالته ، وأخبرني أنه سوف يقوم بتجربة ما الليلة . وطلب مني الحضور إليه في منزله ، بالطبع كنت قلقًا من ترحيبه لتنويم المغناطيسي ولكني وافقته ، نعم فقد أردت الاقتراب منه ومن هذا المجال ، الذي جذبني منذ الصغر بشدة . كان البروفيسور طاعنًا في السن حوالي سبعين عامًا ، وعلى وشك مفارقة الحياة للأبد ، ذهبت إليه وكل شوق لإتمام التجربة ، ولا أتذكر سوى أنني كنت أشاهد حركة البندول ، وأسمع صوت البروفيسور الهادئ عقب أن سقاني شيئًا ما ، ثم تحررت روحي.
نعم كما سمعت تحررت روحي لتنطلق في المكان ، وكأنني أشاهد ما يحدث من أعلى ، وجدت جسدي راقدًا فوق الأريكة ، وأمامي البروفيسور يفعل شيء ما ، ثم بدأت روحي تسير في ممر طويل ، والأضواء تنفتح وتغلق من تلقاء نفسها أمامي . ثم عدت لأجد نفسي وقد استفقت! كيف هذا وأنا مجرد روح هائمة خارج الجسد ، ولكن لدهشتي لم أجد جسد البروفيسور ، وفجأة انطلقت مرة أخرى داخل الممر ، لأكتشف أن البروفيسور قد قام بدفن جسده ، وأنا من دفنته بجسدي الذي استولى عليه هو ، فقد استطاع أن ينقل روحه إلى جسدي الفارغ ويدفن جسده الهالك ، بطريقة ما لا يعلمها غيره. ذهبت أنا إلى حيث دفن جسده ، ثم انطلقت إلى الجسد لأسكنه ، واستطعت أن أتحرك بجسده لأفتح المقبرة ، وأخرج بجسده المتهالك ، وعدت إليه لأرى أعتى ملامح الذعر على وجهه ، فهو لم يتصور أن تظل روحي عالقة ، وأخبرني بذلك ، أن نجاح التجربة يكمن في روحي الهائمة التي غادرت جسدي ليحصل هو عليه دون أدنى مشكلة ويستولي هو على جسدي ، ثم يكتب إخطاراً إلى الجامعة لأتولى أنا تلميذه الفذ كل شيء من بعده . كان قد أعد كل شيء واهتم بكافة التفاصيل ، ولكنني فاجأته بأن روحي لم تستسلم ، لتنطلق مشاجرة بيننا انتهت بأنني قمت بخنقه ، ثم انتقلت إلى جسدي مرة أخرى عقب أن فارقت روحه هذا الجسد ، إحساس غريب وشعور لا يمكن وصفه ، ولكنني أشعر الآن أنني لست على ما يرام . استكملت السيدة تقى حديثها ، بأنها لم تصدق ما قاله مصطفى ، ولكن الشاب المسكين توفى أمامها وهو مبتسم ، وفي اليوم التالي وأثناء جلوسها لقراءة الصحف ، وجدت خبرًا بشأن وفاة هذا البروفيسور في منزله ، ولا أحد يعلم سبب وفاته .