في إحدى الليالي مرت امرأة عجوز إلى جوار الغابة حتى المنازل والأكواخ الصغيرة المترامية هنا وهناك ، وداخل القرية التي يسكنها عدد قليل من الأسر ، وأثناء تجوالها سمعت صوت فتاة تبكي ، فاتجهت نحو الصوت ، وأخذت تتنصت من خلف النافذة ، فإذا بها ليلى ابنة الحطاب ، التي توفيت أمها فجأة وتركتها وحيدة برفقة أبيها . وتزوج والدها من سيدة ، كانت تسيء معاملتها وللأسف ، صمت والدها عما يحدث لابنته ، فكانت تجعلها تخدمها يوميًا وتقوم بأعمال المنزل ، في حين تدلل هي نفسها ، وتظل أمام المرآة لفترات طويلة ، تعتني بنفسها ، ولا تهدر جمالها أو تهين نفسها بشيء . كانت ليلى تدخل إلى غرفتها ، منهكة من أعمال المنزل والطهي والتسوق ، وتظل تبكي على ما وصل إليه حالها ، حتى تغيب في نوم عميق ، ولكن في تلك الليلة ، جلست ليلى على طرف فراشها باكية بشدة ، بعد أن أهانتها زوجة أبيها ، بحجة أنها لم تلتزم بما طلبته منها ، وهي حامل في الشهور الأخيرة ، ولا ترغب أن يأتي الطفل متوترًا بسببها ، فهي مصدر الشؤم والنحس بالمنزل . وظلت ليلى تبكي واحتضنت صورة قديمة لأمها المتوفاة ، وأخذت تعاتبها على ما يحدث منها ، وتشكو لها أبيها الذي أهملها ، بدلاً من الاعتناء بها ، هنا سمعتها العجوز وهي تناجي أمها ، فأصدرت صوتًا ، فانتبهت ليلى وخرجت تنظر من النافذة ، إلا أنها لم تجد أحدًا بالخارج ، فتدثرت بغطائها ونامت في صمت . في صباح اليوم التالي ، خرج الوالد للعمل بينما ذهبت زوجته لزيارة أهلها ، وعقب خروجهما بقيت ليلى بالمنزل ، لمباشرة مهامها وإعداد الطعام ، ريثما يعود والدها وزوجته ، فجأة سمعت ليلى طرقات على الباب ، فذهبت لتفتحه ظنًا منها أن زوجة أبيها قد عادت ، فوجدت أمامها العجوز تبتسم بخبث . وكان على فم ليلى السؤال من أنت ، إلا أن العجوز بادرتها بالإجابة قبل أن تسأل ، وقالت لها أنا سر سعادتك ، ولدي مفاتح السرور الذي ترغبين به ، فتساءلت ليلى عما تعني ، فأخبرتها العجوز أن تحضر إليها ، إن أرادت أن تتخلص من الذل والفقر ، فالسعادة بين يدي العجوز ، وسوف تجلهما إليها إذا ما أتتها بمنزلها في الغابة ، وانصرفت قبل أن تسألها ليلى أية أسئلة أخرى .
تكرر نفس الموقف في نفس الليلة ، عادت زوجة الأب لتنهر ليلى على أتفه الأشياء ، وقالت لها أنها قد أوشكت على وضع طفلها ، ولا ترغب في رؤية وجهها العكر المشؤم ، فقضت ليلى يومها تبكي ، وفي المساء تذكرت العجوز ، فانتظرت حتى نام من بالمنزل ، وخرجت تركض عبر الغابة من أجل لقاء العجوز . عثرت ليلى على منزل العجوز فجأة ، هكذا ظهر من العدم أمامها ، فاتجهت نحوه لتفتح لها العجوز الباب ، وبادرتها قائله ، طالما أنك جئت هنا ، فأنت قررت أن تحصلي على سعادتك ، أجابتها ليلى وكيف هذا ، فقالت العجوز ادفعي الثمن ، اذهبي وأحضري وليد ، لا يتعدى عمره سوى أيام قليلة ، بالضبط سبعة أيام ، وألقيه بالبئر وقولي يا عاقد العزيم خذ الدخيل وأعطني الدليل ، وسوف تنفتح لك أبواب السعادة تختارين منها ما شئت ، انصرفت ليلى وهي تفكر بأنها من المستحيل أن تفعل ما طلبته منها العجوز . في صباح اليوم التالي ، قامت زوجة الأب بإهانة ليلى بشدة ، حتى أنها قد ضربتها لأول مرة ، فانهارت ليلى تمامًا ، حتى أتاها الشيطان وأقنعها بتنفيذ طلب العجوز ، فانتظرت حتى نامت زوجة أبيها وسحبت الطفل ، وحملته حتى البئر الشهير ، بأنه يمتلئ بالأشباح والأرواح الخبيثة ، وهمت بأن تلقي الطفل ، إلا أنه فتح عينيه وتمسك بها ، بيده الصغيرة من شدة البرد وبدأ بالبكاء . فرق قلب ليلى وعادت إلى المنزل ، لتجد العجوز بالداخل وقد قتلت والدها وزوجته ، وتنظر إليها بغضب شديد ، وأخبرتها بأن تلقي الطفل بالبئر ، إلا أن ليلى احتضنته وهو يبكي ، وقرأت ما تذكرته من آيات قرآنية ، لتبدأ العجوز في الصراخ ، وترتفع قرون من رأسها ، وتتحول إلى شيطان مريد ، وبدأت تتخبط في جوانب المنزل ، وليلى تقرأ ما تحفظ من قرآن ، لتختفي وتتحول إلى رماد ، فرفعت ليلى رأسها لتجد أمامها شيخ القرية ، يبتسم لها ، وقال لها يا بنيتي لقد ساهمت ، في التخلص من روح العرّافة الشريرة . تلك العجوز كانت تسكن قريتنا منذ أمد بعيد ، وقامت بأعمال السحر الأسود ، للعديد من الناس ولكن انقلب السحر عليها ، فتحولت لروح شريرة هائمة تتجول بيننا ، ولكنك تخلصت منها بفطرتك الطيبة ، عندما واجهتيها بقوة إيمانك .