بعض الهواة ألقت بهم هواياتهم ، إلى تجارب حُفرت طويلاً في ذاكرتهم ، وتركت في نفسوهم بل وحياتهم آثارًا لا تمحى بسهولة ، فقد تتغير الحياة كليًا إثر تجربة ، قمت بها بشكل عشوائي ، أو حتى عن جهل ، ولكن تبقى النهاية واحدة في جميع الأحوال ، فهل هذا ما حدث مع جورج أيضًا ؟ جورج شاب في منتصف العقد الثالث من العمر ، يعمل مدرسًا للتاريخ بإحدى المدارس الثانوية للبنين ، وهو إنسان شغوف جدًا بالتاريخ والآثار ، خاصة الكنائس القديمة وما بها من عبق ، وآثار ونحت وزخارف وكل ما هو جميل وقديم ، وكانت رحلات جورج إلى الكنائس القديمة ، هي فرصته التي يحصل عليها ، في نهاية كل أسبوع لزيارتها والاستفادة منها ، ورؤيتها على أرض الواقع . وذات يوم من الأيام الدراسية ، كان جورج قد جلس بالمكتبة يتصفح ، أحد الكتب القديمة التي تتحدث عن الكنائس الأثرية ، ومن بينها كنيسة قديمة تحوي لوحة مرسومة ، وصفها الكاتب بأنها أبشع لوحة يمكن أن يراها بشر ، فهي مرسومة بدقة بالغة حتى تكاد أن تنطق ، بالطبع هذا الوصف أثار فضول جورج لمعرفة فحوى اللوحة ، وقرر الانطلاق لرؤية الكنيسة ومحتوياتها بعطلة الأسبوع. حانت نهاية الأسبوع وانطلق جورج إلى البلدة ، التي تقبع بها الكنيسة وكانت مجاورة لمدينته ، وبمجرد أن وصل إليها ، ركن سيارته وانطلق سيرًا على الأقدام ، عبر غابة بها الكثير من الأشجار الجافة ، وسار قليلاً ثم وجد باب الكنيسة العتيقة ، ففتحه ليحدث صريرًا عاليًا ، ثم دلف إلى الداخل . وجد جورج كل ما داخل الكنيسة عتيقًا وبحق ، يا لها من آثار رائعة ، هكذا تحدث إلى نفسه ، وبدأ في تفحص كل ركن بداخلها ، ثم فجأة رفع عيناه إلى الحائط ليجد اللوحة ، لوحة قديمة من الجص ، كُتب على اللوحة أنه ممنوع لمسها بأي شكل من الأشكال ، وإلا تعرضت إلى لعنتها ، ابتسم جورج وقال في نفسه لابد من بعض الإثارة ، في تلك الأماكن القديمة لإضفاء بعض المرح ، والشغف على الزوار . أخذ جورج يتأمل اللوحة ، هي تصور الشيطان يعذب بعض البشر ، حيث كان هناك بعض الشياطين المرسومة بدقة في الأعلى ، ويقفون ممسكين بشوكاتهم المدببة ، ويغرسونها في صدور البشر ، ممن ارتسمت على ملامحهم كافة آيات الرعب ، وفي الأسفل كان هناك شيطانًا كث الشعر ، وله عينان حمراوان تتطلعان إليك بخبث واضح . كم هي حقيقية تلك اللوحة ، قال جورج لنفسه تلك الجملة ، وفجأة لمح الشيطان بالأسفل يبتسم له ويحرك شوكته ، هلع جورج وسقط أرضًا ليسقط معه الجزء السفلي من اللوحة ، والذي كان يحوي صورة الشيطان ذو العينين الحمراوين ، فنهض فزعًا وهو لا يدري ماذا حدث ، ولكنه أخذ يتحسس اللوحة والجزء الذي سقط ، وارتعب بشدة فماذا عساه يفعل ، لقد دمر دون قصد ، جزء أثريًا من لوحة عتيقة قد يقدرها البعض ، بالملايين حاليًا .
انصرف جورج وهو ينفض عن نفسه التراب ، إثر سقوطه أرضًا ثم قاد سيارته عائدًا إلى منزله ، وفي المساء استيقظ جورج بعد أن شاهد كابوسًا مفزعًا ، وهذا الشيطان كث الشعر وأسود اللون ، يضعه على مذبح ويحاول التهامه . في صباح اليوم التالي ، لم يكن جورج قد نام جيدًا إثر الكابوس الذي هاجمه ، فذهب إلى عمله وبدأ في تناول فطوره والتطلع إلى الصحف ، فوجد فيها خبرًا عن رجل له شعر أسود كث ، وعينان حمراوان قد هاجم طفلاً ، إلى جوار غابة بها أشجار جافة ، والتهم أحشائه الداخلية كلها ، فارتعب جورج بشدة وعاد مسرعًا إلى منزله ، إنها لعنة اللوحة . قاد جورج سيارته وذهب إلى حيث الكنيسة ، فوجد قسًا يجلس أمامها وملامحه تحمل من الهموم ما لا يتحمله بشر ، فاستأذنه جورج بالجلوس برفقته ، فأذن له وجلسا يتحدثان سويًا ، وروى له جورج ما حدث فهب الرجل واقفًا فزعًا ، وقال له هل لمست اللوحة ؟ أجابه جورج أن نعم ، فارتعب الرجل أكثر وأخبره أنه هو من قتل الطفل ، فقد لعنته اللوحة ، وفجأة تحولت ملامح جورج وتبدل كيانه ، لينمو الشعر الكثيف بسرعة فوق جسده ، وتتحول عيناه إلى اللون الأحمر ، ويهاجم القس بغتة ويحمله على كتفيه ، إلى داخل الكنيسة ليلتهمه .