قصة تصوير خارجي

منذ #قصص رعب

يمكنك الآن أن تعدي الكاميرا للتصوير ، حيث يتعين عليك تسجيل هذا المشهد ، دون أن نوقف السيارة ، وأن تدورين ، وتلتفتي دورات وجيزة ، ومجرد التفاتات صغيرة ، وأنت في مقعدك إلى وراء الزجاج ، وربما يكون من المستحسن أن ننزل زجاج النوافذ لتكون الرؤية أنفذ ، في هذه الأثناء سأكون قد فتحت جهاز التسجيل ، لتأتي الأصوات متزامنة مع الصور . أسفلت أسود وغيمة عكرة : انظري إنهم هم ، الذين يظهرون هناك ، على امتداد الطريق ، حيث تتشكل من احتشادهم فوق الإسفلت الأسود ، وهم في الملابس التي يكثر بينها لون قماش الخام ، غيمة خفيضة عكرة البياض على الطريق ، والبناية البيضاء المصفرة ، التي تظهرين جذوع الأشجار الداكنة وفوق الذؤابات الخضراء المغبرة هناك ، هي بالضبط البناية التي يأوون إليها . الدار : لقد قرأت على يافطة البوابة ، التي لم يبق منها إلا أثر مصاريع نزعت من زمن ، كلمة : دار ، وخيل لي أنني قرأت ربما كلمة مثل الاصلاح ، أو الاستشفاء ، أو التقويم ، شيء بهذا المعنى ، اذ أن اليافطة حالت من أثر كونها في العراء سنين عديدة ، عندما نقترب منهم . تصوير خارجي : سترينهم وقد أخذوا يتحركون متزاحمين في كتلة تسد الطريق ، حينئذ يستوجب علينا أو نضطر إلى الابطاء من سرعة السيارة ، في هذه اللحظات والسيارة تشق كتلتهم حولنا ، ستعملين أنت بالكاميرا فيما يكون جهاز التسجيل مفتوحًا ، ستستعرضين وجوها شديدة الانفعال ، عرقة ومعروقة ، بأفواه فاغرة ، وعيون غاضبة ملتمعة بحدة ، ستقتربين من ملامح هجومية لبشر بينهم العاري وشبه العاري في أسمال من القماش وبقايا الملابس القديمة . والتي كانت عليهم عندما جيء بهم ، حفاة ومنتعلين أحذية ، تبعا لقدم عهدهم أو حداثتهم بالمكان ، سيكون هذا كله قرينًا ، بالطبع ، لما يخرج من أفواههم ، والذي نتبينه إلا ضوضاء ، عندما نعمل فيما بعد ، على ترشيح الأصوات فيها سنتبين : مفردات ما . شتائم ، كلمات مغلولة ، أشعار غضب ، أغان حماسية ، أناشيد صاخبة وهمهمات فيها توحش .

المتابعة والتسجيل والخوف : ها هم ها هم ، إننا ندخل في كتلتهم ، لا لا لا تخافين ، البثي بقرب الزجاج ، أو افتحيه ، انهم لا يهاجمون ، اعملى بالكاميرا ، الخوف سيفوت عليك المتابعة ، نعم نعم إنني قد فتحته ، لا تخافين ، فتحت جهاز التسجيل ، إنهم يحيون بالسيارة ، نعم كلهم لا يهاجمون ، حسنا إنك تصورين من هذا الجانب خذي هنا أيضًا ، هنا في مواجهة الزجاج الأمامي ، حسنًا ارجعي إلى الجانب ، تابعي ، تابعيهم بالكاميرا ونحن نخلفهم وراءنا ، نعم من خلال الزجاج الخلفي . ما بين الماضي والحاضر : ياه ! تلتقطين أنفاسك كأنك طالعة من غرق ، لم تصدقي أنهم غير خطرين ، إنهم فعلاً لا يهاجمون رغم تزاحمهم ، رغم جمهرتهم الصاخبة والغضب الصريح ، كانوا فيما مضى يهاجمون ، يعترضون السيارات المارة على هذا الطريق ، كانوا يستعملون الحجارة والقضبان الحديدية والعصى وأفرع الشجر ، والضعاف منهم كانوا يرشون بالماء ويعفرون . ذلك فيما مضى ، لنفس الأسباب التي تجعلهم يفعلون ما يفعلونه الآن : تأخر الطعام أو انقطاع المياه ، بالإضافة بالرغبة في تصفية حسابات قديمة لم تصف بعد ، إذ سيقوا إلى هذا المكان عنوة ، نعم نعم ، كانوا في الماضي يهاجمون ، إلى أن ظهر بينهم ذلك الرجل ! الرجل الحكيم والصراخ : ذلك الرجل كان يصرخ في العربات وهي تمر ، يصرخ فقط ، وهو في قلب تزاحمهم ، ويحث الآخرين على الصراخ ، كان يقظ العينين ، غير تلقائي النظرات مثلهم ، ثم إنه كان يلح عليهم أن يفعلوا مثله ، وعندما راحوا يفتحون أفواههم ويصرخون ، كانت أياديهم تكف عن الحركة ، انظري ، انظري الآن ، وقد ابتعدنا عنهم ، ثمة سيارة أخرى تجاهد ، وهي تشق تزاحمهم حولها ، وها هي ذي تعبرهم ، وهو يصرخون !

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك