قصة باب الفيلا

منذ #قصص رعب

سينزل جدي حالاً ، قالتها الفتاة اللطيفة ذات الأربعة عشر ربيعًا ، وأردفت برقة : أرجو ألا أزعجك بحضوري ، حاول أحمد أن يقول لها شيئًا لطيفًا ، كأن وجودها لا يزعجه البتة ، لكنه لم يفعل ! الفيلا الهادئة : وجوده هو أصلاً يزعجه هو ، لم يكن يستسيغ فكرة زوجته بزيارة الجيران والتعرف بهم ، لكنه انتهى إلى الاقتناع بالفكرة ، وقد بلغ منه الملل كل المبلغ ، ورغم أن هذا يتعارض مع حالته الصحية ، التي تنشد الهدوء والابتعاد عن كل ضجيج ، فقد أوصاه الطبيب أن يخلد للراحة التامة ، لذلك اشترى تلك الفيلا الهادئة ، التي تطل على البحر . تعارف وشك : خرج اليوم رغم أن الطقس ينذر بالمطر ، حمل مظلته السوداء وقصد فيلا السيد فهمي ، يقولون انه رجل عسكري سابق ، ومعرفته مفيده بالطبع ، هل تعرف جدي ، لم أراك هنا قبل ذلك ؟ سألت الطفلة بخجل ، وأجاب أحمد بابتسامة خفيفة : لا مطلقًا أنا جاركم الجديد ، في الفيى المقابلة ، جئت فقط لأتعرف على جدك السيد فهمي ، قالت الفتاة بشك فضولي : إذًا أنت لا تعرف شيء عن جدي ؟ ، قال لها : فقط الاسم والعنوان ووظيفته السابقة ، أجابته : إذًا أنت لا تعرف شيئًا عن الحادثة ؟!! قال أحمد باندهاش : حادثة ؟!! . أشارت الطفلة إلى الباب المفتوح على مصراعيه . الحادثة : الحديقة تبدو بالخارج ، قطرات المطر بدأت تهطل وتبلل العشب الأخضر ، قالت الفتاة : ربما تتساءل لماذا نتركك باب الفيلا مفتوح ، رغم الجو البارد بالخارج ؟ ، كان أحمد قد طرح السؤال في نفسه بالفعل وهو جالس في غرفة الاستقبال ، فقد بدا له الأمر غريب بالفعل ، قال لها : ألهذا علاقة بالحادثة ؟ أجابته الفتاة : من هذا الباب ، وفي نفس اليوم ، قبل ثلاثة أشهر ، غادر أبي وعمي وأخي الصغير مع الكلب ريكس ، وركبوا سيارة عمي في طريقهم إلى العزبة ، ولم يرجعوا قط . لا أثر للجثث : بلغنا الشرطة ، قامت بعمل بحث موسع قبل أن تعثر على السيارة بين الصخور في جرف يطل على البحر ، وأخذ صوتها يتشنج وهي تردف قائلة : الأفظع في الأمر أنهم لم يعثروا على الجثث ، ومسحت دموعها وهي تكمل : جدي لم يصدق أبدًا أنهم ماتوا ، حتى بعد وفاة جدتي على أثر الصدمة ، ظل واثقًا أنهم سيدخلون من هذا الباب بصحبة كلبهم البوليس ريكس ، لهذا يأمرنا بترك الباب مفتوحًا ، حتى سعة متأخرة من الليل . مواصفات الضحايا يوم الحادث : جدي المسكين كان آخر من رآهم في ذلك اليوم المشئوم . لقد حدثني مرارا عن تلك اللحظة ، أبي بمعطف المطر الأبيض ، وعمي صبحي بمظلته الحمراء المميزة ، وأخي الصغير يردد بطفولية أغنيته المفضلة ، التي يلهو بها مع جدي ، حتى أنا في بعض اللحظات أشعر أنهم سيعودون يومًا ما ، ارتجفت فجأة ثم توقفت عن الكلام!! باب الفيلا المفتوح : شعر أحمد بالارتياح عندما لمح السيد فهمى ، يهبط درجات السلم ، وفي عينيه نظرة اعتذارعن تأخره ، قال الجد بلطف : ها هل آنستك حنان يا سيدي ؟ معذرة عن التأخير ؟ ، قال أحمد وهو ينظر إلى حنان : إنها ، كيف أقول ذلك .

طفلة مميزة ، بنفس اللطف قال السيد فهمي : أرجو ألا يكون الباب المفتوح قد أزعجك ، أنا أنتظر ولدي وحفيدي الصغير ، أخو حنان ، سيأتون من العزبة . شعر أحمد برجفة تجتاح جسده ، وتدغدغ عموده الفقري ، والعجوز يتحدث عن العزبة ، عن هواءها وأشجارها ، وبمجهود غير عادي حاول أن يغير مجرى الحديث ، وهو متعاطف مع العجوز المسكين ، الذي يبدو كما قالت الطفلة الصغيرة فعلا متأثر بالحادثة . سوء اختيار : هو يعرف الألم الذي يسببه فقدان ابن ، وهو فقده حيًا للأسف ، فابنه لم يسأل عنه ووالدته ، كاد يحدث السيد فهمي عن ابنه لكن العجوز لا يعير اهتمامًا حقيقيًا ، وبصره معلق بالباب المفتوح ، أحس أحمد بالذنب لاختياره ذلك اليوم ، ذكرى الحادثة الأليمة لحضوره . وقال مستغلا فرصة توقف العجوز عن الحديث عن العزبة ، لقد نصحني الأطباء بالخلود للراحة التامة ، وتجنب العواطف القوية والمجهود العضلي ، كانت الكلمات تخرج بصعوبة من فمه ، وقد نسي من فرط التوتر ، لماذا هو هنا أصلاً ؟ المفاجأة : كان كيان العجوز معلق كله بالباب المفتوح ، ثم أشرق وجهه فجأة وهو يقول : ها هم أخيرًا ، تمامًا في موعدهم !! انتفض جسد أحمد ، وهز رأسه بأسف ونظر إلى الطفلة حنان ، لقد كانت الطفلة على حق والعجوز مريض بالفعل ، كانت الطفلة تحدق في تلك اللحظة بدورها في الباب ، عيناها متسعتان على آخرهما رعبًا ، فاجتاحت أحمد قشعريرة باردة ، وهو يلتفت ببطء . كان هناك ثلاثة أجساد لرجلين وطفل ، أحد الرجلين بمعطف مطر أبيض يمسك بكلب بوليسي ، والآخر ينفض مظلته الحمراء من المطر ، والطفل يجري نحو السيد فهمي وهو يترنح ويغني لجده . الهروب : أمسك أحمد مظلته بقوة وقلبه يدق كالقنابل ، وبسرعة جرى ، لم يشعر بنفسه وهو يتخطى باب الفيلا ، الحديقة ، باب الحديقة ، كان يتعثر أكثر من مرة وهو يجري ، أسقط فتى من على دراجته في الشارع ، ونهض وجرى من جديد دون أن يلتفت خلفه ، وكأن الشياطين تطارده كلها . استياء وتعجب : ها نحن يا أبي قد جئنا في الموعد ، لكن من هذا الرجل الذي أخذ يجري عندما رآنا ؟ ، قال الجد : رجل غريب فعلاً وقليل التهذيب ، لم يقل شيئًا سوى الحديث عن مشاكله الصحية ، وقد غادر هكذا دون اعتذار ، وكأنه رأى أشباحاً . الأكذوبة : قالت الطفلة حنان بهدوء : الكلب هو السبب ، لقد قال لي بينما كان ينتظرك يا جدي ، بأنه يخاف الكلاب جدًا ، عندما كان صغيرًا ، هجمته الكلاب ليلاً داخل مقبرة ، واضطر إلى قضاء الليل في قبر مهجور ، بينما الكلاب تنبح بشراسة متوعدة بالشر . شيء مخيف حقًا ، أليس كذلك! ؟ .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك