ذهبتُ مع خطيبتي ذات يوم في رحلة إلى قادس وطلبت مني الذهاب إلى زيارة أحد المنازل التي تدور حولها بعض القصص الغامضة ؛ حيث تقول الأسطورة أن هذا المنزل كان لقبطان يعمل على أحد المراكب في البحر ، وكان هذا المنزل هو مكان معيشته مع أسرته . كان القبطان يحمل لابنته الحبيبة مرآة كلما عاد في إجازة إلى منزله ؛ وذلك لأن ابنته كانت تعشق هذه المرايا ، وكانت ابنته تمثل له نور عينيه ، وعلى مدار عدة سنوات وهو يحمل كل إجازة مرآة حتى أصبح البيت مليئًا بالمرايا في كل اتجاه ، إنها المرايا التي كانت تعكس كل شيء في أركان المنزل وضاعفت من المساحات الموجودة وشوهتها بمختلف الطرق . أصبح من الغريب على أصدقاء الفتاة رؤية كل هذه المرايا ؛ مما جعلهم يمتنعون من الذهاب إلى بيت ابنة القبطان ؛ وذلك لشعورهم بالخوف وعدم الراحة الذي يتسبب فيهم المظهر العام للمنزل المليء بالمرايا . لم تكن ابنة القبطان تعيش بمفردها في المنزل ، ولكن كان هناك شخص آخر وهي أمها التي كانت تشعر بالوحدة والغيرة ، وذلك لأن القبطان يعطي كل اهتمامه لابنته فقط دون أن يعتني بها ، وقليلًا قليلًا بدأت الأم تبدي حسدها وحقدها على ابنتها ، كما كرهت ابنتها الشابة أكثر وأكثر ، وكانت تجادلها في كل شيء وأي شيء ، حتى عاد القبطان ذات يوم إلى منزله ولم يجد ابنته فأخبرته الزوجة أن الابنة قد ماتت نتيجة مرض خطير أصابها . لم يصدق القبطان أنه لن يرى ابنته الحبيبة مرة أخرى ، وعاش تحت وطأة الألم الشديد الذي ألمّ به ، ثم بدأ في تدمير كل شيء كان موجود بالمنزل بما فيهم تلك المرايا التي كان يحضرها لأجل ابنته ، غير أنه رأى فجأة في أحد هذه المرايا انعكاس لأحد المشاهد التي جعلته يتجمد في مكانه ؛ حيث رأى الطريقة التي ماتت بها ابنته . لقد أخبرت المرايا القبطان عن حقيقة موت ابنته ؛ حيث رأى أن أمها قد أطعمتها سمًا لتتخلص منها ، إنها المرايا التي أظهرت الحقيقة ومَن يدري لعل اخلاصها للفتاة التي كانت تمتلكها هو الذي جعل هذه المرايا تخبر القبطان البائس بما حدث . قام القبطان بإجبار زوجته على الاعتراف بما فعلت ، والتي اعترفت بدم بارد أنها قد قتلت ابنتها ، وتم الزج بهذه المرأة المتوحشة في السجن ثم ماتت بعد ذلك بشهور قليلة ، أما القبطان كان يشعر بالألم كلما تذكر ما فعلته زوجته تجاه ابنته الحبيبة ؛ حيث قامت بربطها في السرير وعذبّتها بطرق وحشية لم يستطيع أن يذكرها ، وبعد ذلك خرج القبطان إلى البحر ولم يعد مرة أخرى إلى منزله .
أصبح ذلك المنزل عمره 150 عامًا ولم يسكنه أحد منذ ذلك الحين ، وقررتُ أن أدخله برفقة خطيبتي وبمجرد أن وضعنا أقدامنا بداخله شعرنا بثقل غريب في الهواء ، كما شعرنا بالبرودة تسري في جسدينا ، ويبدو أن الحجرة التي دخلناها كانت حجرة المعيشة على الرغم من عدم وضوح الرؤية بشكل جيد مع الإضاءة الخافتة لهاتفينا المحمولين . كان هناك الكثير من الأشياء والزجاج المكسور على الأرض ، ولكن أكثر ما كان موجودًا داخل المنزل هي المرايا التي كانت موجودة في كل الأركان وعلى الأرض ، بدأنا في الشعور بالفزع حينما سمعنا صوت صرخات حزينة لفتاة تأتي من الطابق العلوي ، ولا أدري كيف تغلبنا على خوفنا لنذهبا إلى أعلى ، وهناك رأينا في إحدى الغرف سرير قديمًا بلا فرش . وحينما استدرنا رأينا صورة الفتاة منعكسة في المرآة كما لو كانت على السرير تصارع الموت ، لا أدري كيف خرجنا من ذلك المكان المرعب ، وحينما خرجنا وجدنا الدماء تلطخ ملابسنا ، واعتقدنا أنه دم الفتاة التي كانت تصرخ .