كان جمال الدين بن العديم، قاضي حلب، عاقلاً عادلاً خبيراً بالأحكام. حدث أن ادّعى عنده مدّع على آخر بمبلغ. فلما أنكر المدّعى عليه، أخرج المدّعي وثيقة فيها إقرار " منصور بن أبي جرادة بتسلم المبلغ ". فأنكر المدعى عليه أن الاسم المذكور في الوثيقة (أبا جرادة) اسم أبيه. قال له القاضي ابن العديم : فما اسمك أنت؟ قال : منصور. قال : واسم أبيك؟ قال : هبة الله. فسكت عنه القاضي، وتشاغل بالحديث مع من كان عنده حتى طال ذلك، وكان جليسه يقرأ عليه في صحيح البخاري. ثم إذا بالقاضي يصيح فجأة : يا بن أبي جرادة! فأجابه المدّعى عليه مبادراً : مولاي! فقال له : ادفع لغريمك حقَّه.