يقال أن فلاحاً رأى ثعباناً يرقد تحت شجرة ظليلة ، فرفع فأسه عالياً
هاوياً بها على رأس الثعبان ،
لكن الثعبان كان أسرع منه حركة ففزع من رقدته واستدار بقوة وعلى
فحيحه وهم بعض ّالفلاح الخائف.
فما كان من الفلاح إلا أن قال بضعف : مهلاً أيها الثعبان ، إن قتلتني لم يفدك قتلي شيئاً ،
ولكن ما رأيك أن نعقد صلحاً فلا تؤذيني ولا أؤذيك ، والله يشهد على اتفاقنا .
فقال الثعبان بعد برهة من التفكير : لا بأس أوافق على السلام وألا يؤذي أحدنا الآخر.
ويمر بعض يوم ويأتي الفلاح للثعبان الغافي ويحاول ثانية قطع رأسه غدراً وغيلة ، فيلتف الثعبان الحذر ، والشرر يتطاير من عينيه وقد هم بعضّ قاتله
الذي بادر قائلاً في هوان : سامحني ونتعاهد على ألا يؤذي أحدنا الآخر
فيقول له الثعبان : قل لي كيف أأمن لك وهذا أثر فأسك محتلاً موضع رأسي !؟.
ثم يعضه عضة يموت على إثرها .
يقول رسولنا الكريم
المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين )، وتقول حكمة
الأجداد : إن خدعك أحدهم مرة فأنت طيب ، وإذا كرر خداعه فأنت أحمق
المؤمن كيسٌ فطن ، قد يُخدع مرة لحسن ظنه ، أو كرم طبعه ، لكنه أبداً ليس بالغر ,
نعم نقبل الاعتذار ، ونعفو عمن أخطأ وأساء ، لكنه عفو المقتدر الكريم ، وسماحة القوي العزيز ، والمؤمن القوي أحب عند الله من المؤمن الرخو الضعيف.