لا شك أن للأمثال دورها الكبير في إبراز فصاحة المتكلم والكاتب ، وفي تمكينهما من التعبير والبيان بعبارة موجزة عن الأفكار الكثيرة ، فما يكاد يسمع أهل اللغة مثلًا أو يقرؤونه حتى تتداعى المعاني في أذهانهم فتغني المتحدث والكاتب عن كثير من الكلمات والألفاظ
قصة المثل :
كان أول من قال هذا المثل أسماء بنت عبد الله ، وكانت من عذرة ، وتبدأ قصتها أنها كانت متزوجة من أحد من قومها وهو أحد أبناء عمها ، والذي كان يدعى عروس ، وعندما مات عنها جزعت جزعًا شديدًا
ثم خطبها رجلًا آخر وتزوجها ، لم يكن من قومها ، ولكن مع ذلك ظل في قلبها من الحب والحسرة على زوجها الأول
وكان زوجها يدعى نوفل ، وكان زوجها الجديد هذا ، به من العديد من الصفات السيئة ومنها البخل وأنه كان فقيرًا جدًا (أعسر) ، وكان أبخرًا وأنجرًا ودميمًا ، وكان ذلك على النقيض من زوجها الأول
وعندما أدرك ذلك أراد أن يعود إلى قومه بها ، أرادت أن تذهب إلى قبر ابن عمها ؛ فتبكيه وترثيه قبل رحيلها ، فأذن لها زوجها ، وعندما ذهبت ظلَّت تبكي وتورثيه رثاءً شديدًا ، كما أنها تذكرت كل ما كان من حاله الحسن ورائحته الطيبة وظلت تمدح به وبهمته ويسر حاله
فعلم زوجها أنها تقصده بهذا الكلام ؛ فأمرها بأن تنهض للرحيل ، وقبل رحيلهم وجد قارورة عطرها ملقاة فطلب منها أن تأخذه ، فقالت له : لا عطر بعد عروس
ويقال أيضًا هذا المثل قيل عندما تزوج رجل من امرأة كانت قد أُهديت إليه ، فوجدها تفلة ، فسألها عن عطرها ؛ فأجابت أنها قد خبأته ، فقال لها الجملة المشهورة لا عطر بعد عروس
وبذلك يتضح لنا أن معرفة الأمثال ضرورة ليس لأهل اللغة الناطقين بها فحسب ، بل هي أمر محتم على كل دارس للغة من غير أهلها ، إن لم يكن لاستعمالها فمن أجل فهم اللغة وثقافتها في إطارها الطبيعي ، وقد صدق المقفع حين قال : إذا جُعِل الكلام مثلًا كان أوضح للمنطق ، وأوسع لشعوب الحديث