تكثر الأمثال في حياة الناس كما تكثر المواقف ، ويقال هذا المثل دائمًا وقت العتاب ، ويطلب منه المعاودة والصلح ، فيرد عليه قائلًا : كيف أعاودك وهذا أثر فأسك ، أي كيف أصادقك مرة أخرى وأتعامل معك ، وأنا لازالت أعاني من أثر جرحك
قصة المثل :
يحكى أنه في زمن كثر به الجدب ، وقل الخير ، كان هناك أخان لديهما من الإبل الكثير ، ولكن دون مرعي ، وبالقرب منهم كان هناك واد خصيب فيه من النباتات والعشب ما يكفي للرعي والسقي
ولكن هناك حية كبيرة تسكن ذلك الوادي ، وتقتل كل من ينزل إليه ، ومع استمرار الجدب وقلة الرعي قرر أحد الأخوين أن ينزل الوادي ، وحاول الأخر إثناءه عن عزمه ، ولكن دون فائدة ؛ فقد كان يخشى عليه من شر الحية ، ولكن ما قدره الله كان ، نزل الأخ ورعى في ذلك الوادي زمانا إلى أن قتلته الحية ونهشته
حزن الأخ كثيرًا لفراق أخيه وقرر أن ينزل الوادي لينتقم من قاتلة أخيه ؛ فإما قتلها وإما قتلته ، وبالفعل نزل الأخ إلى الوادي الخصيب ، وبحث عن الحية إلى أن وجدها ، ولما هم بقتلها طلبت منه الصلح
وقالت له دعني وشأني ، وسأدعك تحيا في هذا الوادي دون أن أؤذيك ، وسأعطيك كل يوم دينارا ؛ فوافق الرجل ، ولما اغتنى وكثر ماله ، وصار في أحسن حال ، قال في نفسه كيف أعيش وأنا أرى قاتلة أخي ، لابد أن أقتلها ؛ فتربص بها وانتظر حتى مرت من أمه ، فرفع فأسه وحاول قتلها ، ولكنه أخطأها ، فهربت منه إلى حجرها الذي تأثر من ضربة فأسه
ولما رأت ما فعله معها ، قطعت عنه الدينار ، ففكر الرجل ، وقال في نفسه لعلها الآن تتربص بي ، وتحاول قتلي ، فذهب إليها عارضًا عليها الصلح ؛ فقالت له : كيف أعاودك وهذا أثر فأسك
العبرة من المثل :
في المثل حكمة كبيرة لا بد أن نتعلمها ، ونعمل بها ، فمن غدر مرة قد يغدر ألف ، فلا تثق بعدو غادر حتى لا تلدغ من نفس المأزق مرتين