ويقصد بهذا المثل أن قريب الشخص ، وحميمه هو من يصل رحمه ولا ينقطع عنه ، وإذا دعاه لمساندته لبى ولم يعرض ، وقد أوصانا الله سبحانه وتعالى بصلة الأرحام ، لأنها تقرب بين الناس ، وتجعلهم متآلفين
قصة المثل :
كان هناك رجلًا يدعى كلاب بن فارغ ، وكان لديه غنم يرعاها ، وفر مرة من المرات خرج بها ، فإذا بأسد يهاجم غنمه ، فانبرى كلاب يدافع عنها ، ويحاول إبعاد الأسد ، ولكنه لم يستطيع ، وما زاد الطين بله أن الأسد استطاع الإيقاع به وجثم عليه ، وخبطه بمخلبه
وأثناء ذلك مر رجلان بالقرب من كلاب أحدهما الخنابر بن مرة وهو قريب كلاب وحميمه ، والأخر شخص يقال له حوشب ، فاستغاث بهما كلاب لإنقاذه من ذلك الأسد قبل أن يصرعه ، فخذله قريبه وابتعد سريعًا ، بينما هم حوشب لمساعدته ، وهجم على الأسد وهو يقول :أعنته إذ خذل الخنابر … وقد علاه مكفهر خادر
هرامس جهم له زماجر … ونابه حرداً عليه كاشر
أبرز فإني ذو حسام حاسر … إني بهذا إن قتلت ثابروكان معه سيفه فأخذ يقاتله حتى أمكن سيفه من جسده ، فمر بين الأضلاع والكتفين ، وخر الأسد صريعاً ، وقام كلاب إلى حوشب يشكره على المساعدة ، وقال له : أنت حميمي دون الخنابر ، وانطلق كلاب ومعه حوشب حتى وصل إلى قومه وبيده حميمه الجديد حوشب ، وأخذ يقول : هذا حميمي دون الخنابر
وبعدها بفترة هلك كلاب وانتقلت روحه إلى بارئها ، فاختصم في تركته الخنابر وحوشب ، فقال حوشب: أنا حميمه وقريبه ، فلقد خذلته أنت ، وأنا نصرته ، وقطعته أنت ، وأنا وصلته ، وصممت عنه أنت ، أما أنا فأجبته ، واحتكما الاثنان إلى الخنابر في الأمر ، وقد كان سيد قومه ، فسأل حوشب كيف نصر كلاب ، فقال:أجبت كلاباً حين عرد الفه … وخلاه مكبوباً على الوجه خنبر
فلما دعاني مستغيثاً أجبته … عليه عبوس مكفهر غضنفر
مشيت إليه مشي ذي العز إذ غدا … وأقبل مختال الخطا يتبختر
فلما دنا من غرب سيفي حبوته … بأبيض مصقول الطرائق يزهر
فقطع ما بين الضلوع وحضنه … إلى حضنه الثاني صفيح مذكر
فخر صريعاً في التراب معفراً … وقد زار منه الأرض أنف ومشفرفشهد القوم أن كلاب أخبر عن حوشب قبل أن يمت ، وقال هذا حميمي دون الخنابر ، وهنا قال الخنابر كلمته الشهيرة والتي صارت مضربًا للمثل فيما بعد (حميم المرء وأصله!) ، وقضى لحوشب بتركته