يضرب هذا المثل فيمن يعامل الفتى البالغ بدلال ، وميوعه ، فحين يصير الصبي شابًا ، ويتخطى مرحلة الصبا لا بد أن يعامل بما يناسبه ، فلكل مرحلة يمر بها الإنسان طريقة مختلفة في التعامل ، وغالبًا ما تدلل الأمهات أبنائهن ، وهذا ما لا يرضاه بعض الآباء
فيقولون شب عمرو عن الطوق ، ويقصد بها كبر الفتي على ارتداء الطوق أو التدليل ، ويقصد بها أيضا كبر الفتى وصار يافعًا بفعل الزمن ، ففي صغره كان يرتدي الطوق ، أم في الكبر فليس من الملائم فعل هذا ، وللمثل قصة شهيرة سأذكرها لكم
قصة المثل :
كان للملك جذيمة الأبرش ابن أخت صغير اسمه عمرو ، وكان جذيمة يحبه ويقربه ، ولما بلغ عمرو ثمان سنوات بدأ في الخروج مع الخدم ليجتنوا بعض النباتات ، وذات مرة خرج عمرو ، ولم يعد ، فحزن جذيمة لذلك كثيرًا ، وأخذ يبحث عنه ولكن لم يظهر له أثر ، وظل عمرو زمانًا ضائعًا يضرب في الأرض يمينًا ويسارًا ، ولكن دون عودة
وفي مرة من المرات جاء رجلين محملان بالهدايا والتحف لزيارة الملك جذيمة ، وبينما هم سائران في طريقهما وجدا صبيًا ذو شعر طويل ، وأظافر غير مهذبه ، يعيش وحده في هذا المكان ، فحملاه معهما إلى قصر الملك ، ولما دخلا عليه بالفتى ، عرفه جذيمة على الفور ، وفرح بعودته أجم الفرح ، وأرسل إلى أمه لتنظيفه
فأخذته ليستحم ، وبعدها ألبسته حلو الثياب ، وعطرته ، ثم زينته بالطوق الذي كان يلبسه وهو طفل صغير ، فلما دخل على جذيمة بحلته وهندامه ، رأى الطوق في رقبته ، فابتسم وقال : لقد شب عمرو عن الطوق ، أي أنه صار صبيًا يافعًا بفعل الزمن
العبرة من المثل :
أن الزمن يفعل بالأشخاص الكثير ، فهو يغير ملامحهم ، ويظهر عليهم أمارات التقدم في العمر ، وما كان يناسبهم بالأمس قد لا يناسبهم اليوم ، لذا يجب أن نعاملهم على حسب ما هم فيه ، لا على حسب ظننا بهم ، ويضرب هذا المثل دائمًا للدلالة على تقدم عمر الصغير ، وتركه لمرحلة الطفولة