ذكر الله تعالى في سورة التحريم حكاية امرأة نوح وامرأة لوط، حيث قال تعالى:( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)، فامرأة نوح عليه السلام كان اسمها واغلة بنت لامك بن متوشائيل بن مهويائيل بن عيراد بن خنوخ بن قابيل بن آدم عليه السلام، وقيل أن اسمها كان نعمة، كانت امرأة كافرة لم تؤمن بما جاء به الله تعالى على لسان نبيه نوح زوجها أبو أولادها، وبذلك كان هذا المقصود بالخيانة التي ذكرها الله تعالى في الآية الكريمة:( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا).
فكانت تسخر مع القوم الكافرين من نوح عليه السلام ومن اتبعه من المؤمنين، على الرغم من أن نوح عليه السلام نصحها وحاول إثناءها عن الكفر، لكنها رفضت وعاندت زوجها ورفضت الإيمان وركوب السفينة هي وولدها يام، فكان جزاءها مثل جزاء الآخرين، حيث قال تعالى في سورة الصافات:( ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ)، فغرقت هي وولدها يام في الطوفان الذي نتج عن انهمار الماء من الأمطار، وتفجر المياه من الأرض، فغطى الماء كل شئ حتى قمم الجبال.
أما امرأة لوط عليه السلام فكان اسمها والهة، وقيل أن اسمها والعة، وأنجبت من لوط بنتين ريثا وذغرتا، وكان قوم لوط يعيشون في سدوم، وكان الرجال فيها يأتون بفاحشة لم يسبقهم بها بشر، فكانوا يتركون الإناث ويأتون الذكور في العلن، وكانوا يمشون عراة في الشوارع والطرقات في فخر وعزة، وأنشئوا نادي للفاحشة، وكانوا يقطعون الطريق على المسافرين، ويخطفون الرجال، ويسرقون النساء.
وحاول لوط عليه السلام نصحهم وردعهم عما يفعلون، لكنهم استمروا في طغيانهم وكفرهم وعندهم، وقاموا بطرده من المدينة وأمروه ألا يضيف الرجال في بيته، قال تعالى:( فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ).
فأرسل الله تعالى لهم 3 ملائكة هم جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام، وجاءت الملائكة إلى بنت من بنات لوط، وكانت تملئ الماء من النهر، فسألوها على أبوها، فخافت عليهم من القوم الظالمين ، فقالت لهم انتظروا هنا وسوف يحضر أبي إليكم، ولما قالت البنت لأبيها لوط عليه السلام أن 3 رجال غاية في الجمال يطلبون رؤيته، طلب لوط من ابنته أن تحضرهم لبيته، وكانت امرأة لوط تتصنت كعادتها الخبيثة للحديث، فركضت تخبر رجال المدينة عن الضيوف الزائرين، كما تفعل دائماً فهي دائماً تنقل ما يحدث مع لوط لهم ، فجاء القوم لبيت لوط يريدون اقتحام البيت، وكان لوط يقف وراء الباب لكي يمنعهم من اقتحامه، وقال لهم وهو ينصحهم لآخر مرة، أن يتقوا الله ويذهبوا لزوجاتهم أطهر لهم، هنا أفصح الرجال الثلاثة عن هويتهم الحقيقية وقالوا له أنهم ملائكة أتوا لتنفيذ عقاب الله على قومه، وقالوا له أن يرحل هو بناته ومن آمن معه ولا ينظر خلفه، فخرج الملائكة من بيت لوط ، وهنا نزل عقاب الله على قوم لوط، حيث أقتلع جبريل جميع المنازل ورفعها عاليا، ثم قلبها فجعل أعلاها أسفلها، ونزلت صخور ضخمة من السماء دمرت كل شئ ، وقيل أن والهة نظرت وراءها فهلكت كما هلك قومها، قال تعالى:( فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ).
وبهذا كانت زوجتي نوح ولوط مثلاً للخيانة، خيانة الإيمان بما دعا لهما زوجيهما من إيمان بالله تعالى، وكانتا بهذا أمثلة على الكفر والعند والجهل.