في بلاد بعيدة كانت بتلك البلاد الثلوج كثيرة، عاشت عصفورة جميلة تستيقظ كل صباح تبحث عن طعام لها، وما تجده تضعه داخل عشها الضئيل، وتقدمه طعاماً لصغارها الجائعين، وكانت كل الأنحاء مغطاة بالثلوج، واقتربت العاصفة من الهبوب.
وفجأة رأت العصفورة فتى يقوم بدفع حمار عجوز، وكان الحمار يحمل كيس كبير مليئ بحبوب القمح اللذيذة، يحبها ويسعدها بها صغارها العصافير.
فطارت العصفورة بسرعة نحو الفتى، وحدثته بأدب جم وطلبت منه القليل من حبات القمح الموجودة بالكيس، فرد الفتى عليها بوقاحة، وقال لها أنه لا يملك الوقت لإعطائها أي طعام، وقال لها أن تبحث عن الطعام في موقع بعيد آخر.
ترجت العصفورة الفتى كثيرا، و قالت لها أنه فقط تريد 3 حبات من القمح لكي تطعم صغارها الذين ينتظرونها في العش، لكن الفتى أغلق عقله وقلبه وأذنه، ورفض مساعدتها تماماً.
لكن العصفورة لم تيأس ولحقت بالفتى، واستمرت في سؤاله والطلب منه، ولكن الفتى لم يرد عليها، ورماها بالحجارة عدة مرات.
فقررت العصفورة أن تتكلم مع الحمار الذي يحمل كيس القمح، وطلبت منه الحصول على بعض حبات القمح من الكيس الضخم الذي يحمله، لكن الحمار رفض الاستماع لها، لأنه لا يريد أن يسرق من الأمانة التي يحملها على ظهره، فالفتى لم يأذن لها فكيف هو يأذن لها، ففهمت العصفورة موقف الحمار، وقدرته واحترمت أمانته، فالأمانة شئ أساسي بالغ الأهمية يجب الحفاظ عليها.
ومع كل هذا لحقت العصفورة بالفتى وحماره، لعل قلوبهم ترق لها ولصغارها، ويعطوها بعض حبات القمح.
هبت العاصفة بشدة وقوة، وركض الفتى نحو منزله، بعد أن ارتدى معطفه الثقيل لكي يتجنب البرد القارس، وشق طريقه نحو منزله وسط سقوط الثلوج الشديدة.
لكن الفتى لم يستطع العودة لمنزله بسبب قوة العاصفة، فجلس ينتظر انتهاء العاصفة القوية، فطارت العصفورة نحو الفتى بسرعة، وقالت له أنك تجلس على ماء متجمد، سيتكسر وستتعرض للأذى، لكن الفتى لم يلقي بالاً لكلامها، وصرخ فيها قائلاً: أنت دعيني وشأني، فردت العصفورة وقالت: انك في خطر، لكن الفتى ألقى عليها الثلج لترحل.
لكن العصفورة تمالكت نفسها بعد ضربة الثلج، وطارت نحو الحمار تنبه أنه يقف فوق ثلج رقيق السمك، فرد عليها الحمار، وقال لها: أنه متأكد أنها تقول الحقيقة لهذا سيبتعد في الحال عن الماء المتجمد، فغضب الفتى لأنه ظن أن الحمار يريد إعطاء العصفورة بعض القمح فحمل الفتى الكيس، واستغنى عن الحمار وخدماته.
ولما حمل الفتى الكيس زاد وزنه وثقل، فتكسر الثلج وسقط الفتى في ماء البحيرة المتجمد، فأسرع الحمار وجذب الفتى، وكان الفتى متعباً جداً، فطلبت العصفورة من الحمار أن يحمل الفتى، وقامت بإرشاد الحمار لمكان منزل الفتى.
واستطاع الحمار بمساعدة العصفورة إعادة الفتى لمنزله، وكان في انتظار الفتى جدته المسنة التي ساعدته على تغيير ملابسه المبللة، وقامت بتدفئته، وقالت الجدة للعصفورة: شكراً لقد ساعدتي حفيدي، وقامت بإعطاء العصفورة الكثير من حبات القمح، وطلبت من العصفورة أن تأتي يومياً من أجل الحصول على القمح، وقالت أن حفيدها اليوم تعلم درساً مهماً في حياته.