حدثت الشدة المستنصرية في العهد العبيدي (الفاطمي) وتحديدًا في عهد الخليفة المستنصر بالله في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري بمصر بسبب غياب مياه النيل وسميت أيضًا بالسبع الشداد ، فمع انخفاض منسوب مياة نهر النيل تدمرت الزراعة فجاع الناس وأكلوا الميتة والقطط والكلاب ولحاء النخل فقد روى العديد من المؤرخين حوادث قاسية جدًا حدثت في تلك التوقيت
وانتشرت الأوبئة بين الناس لدرجة لو مات أحد في البيت لم يمر عليه اليوم إلا وكل البيت أموات وكانت الشدة المستنصرية هذه من أعظم الشدائد التي مرت على الناس وسميت بذلك نسبة للخليفة المستنصر بالله والذي حكم مصر لمدة ستين عامًا شهد عهده الكثير من الغلاء والوباء والفقر والفتن الكبرى
وبدأت الشدة المستنصرية عندما انحصر مد مياة نهر النيل عن مصر عام 1065م وامتدت حتى عام 1071م وبدأ الغلاء يتصاعد ويزيد مثلما حدث في عهد سيدنا يوسف عليه السلام لذلك أسموها أيضًا بالسبع العجاف ومع انخفاض منسوب مياة النيل تعطلت الزراعة وخربت الأراضي وأخذ الغلاء يزداد يوميًا بعد يوم حتى تم بيع البيضة الواحدة بعشرة قراريط من الأرض ووصلت شربة الماء لدينار وتم بيع رغيف الخبز بخمسين دينار وتم بيع الكلاب لطعام ، حتى اشتد البأس الشديد على الناس وأكلوا الميتة وعم البلاء وسقط آلاف الناس صرعى ، وعجز الناس عن تكفين الموتى
مع تضاعف العجز كان الناس يحفرون حفر طويلة لدفن الموتى مع بعضهم البعض ووصل الأمر سوءًا حتى أكل الناس بعضهم البعض وانتشر السلب والقتل وكان يتم صيد الناس بالخطاطيف ، إذا دخل الناس بيتًا رأو أفخاذ الناس والسكاكين المغطية بالدماء من سوء ما وصل في تلك الأزمة فيحكى أن الوزير نزل يومًا راكبًا بغلته فهجم عليه العامة وأكلوا البلغة فأمر بهم وشنقوا فأجتمع الناس على ميتتهم وأكلوها من شدة الجوع والحاجة
أما بالنسبة للسلطان فقد آل الأمر أنه كان يجلس على الحصير في قصره وتعطلت الدواوين ، وفررن بناته لأرض العراق حتى أنه لم يكن يجد القوت وأضطر لبيع كل ما في قصره بأبخس الأثمان من مجوهرات وأسلحة وذهب وثياب وبسط ، ولكن لم يكن قصور مد نهر النيل هو السبب الرئيس لتلك المحنة إنما اختلاف الكلمة ومحاربة الناس لبعضهم البعض وكان الجنود من طوائف متعددة الأجناس كعبيد السودان ومغاربة وأتراك فتحاربوا وتصاعدت الفتن وكان بين الاتراك والسودانيين حروب عظيمة اتحدوا على المستنصر
بعد تصالح الجنود الأتراك مع ناصر الدولة بن حمدان ودخلت الغلال للبلاد بدأت الأزمة في الانحسار عام 463هـ ، ولكن لم تكن تمر سنة عليهم حتى عادت الفتن مرة أخرى فكتب المستنصر عام 466هـ لأمير الجيوش بدر الجمالي لكي يستنجد به لإعانته واستجاب له الجمالي وأبحر له من عكا ومعه العساكر في مائة مركب وتم صنع مكيدة للأمراء ، فدعا الأمراء لقصره وقضوا وقتا من الأكل والأنس ولما ذهبوا لقصرهم في المساء أرسل مع كل أمير غلام فلم يصبح عليهم الصبح ..