الليرة التركية عملة خرجت للنور بينما كانت شمس الدولة العثمانية تتجه للغروب ، هي عملة صاحبت تركيا في رحلة كانت مليئة بالتحولات التاريخية الكبرى ، من خلافة إسلامية حكمت رقعة كبيرة من الأرض لجمهورية أتاتوركية لدولة قوية ، والليرة كلمة إيطالية مستوحاة من ليبرا وهي وحدة وزن رومانية مأخوذة من اللغة اللاتينية وتشير إلى الميزان
وظهرت الليرة للمرة الأولى في تركيا في العام 1875م ، عندما كانت الإمبراطورية العثمانية تحكم مساحة واسعة من الأرض ، وصُنعت الليرة في البداية من الذهب ثم طبعت من الورق لتدخل في تاريخ طويل من العملات الفضية المشهورة كالأقشة والقرش والبارا ، وسقطت الخلافة العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى ، وعُزل السلطان وأعلن قيام الجمهورية التركية الحديثة في العام 1924م ، وتولى مصطفي كامل أتاتورك رئاسة الجمهورية
وأخذت الليرة العثمانية اسم الليرة التركية وصدرت بشكل ورقي ومعدني وطُبعت عليها صورة أتاتورك ، وطُبعت أول ليرة تركية ورقة في العام 1927م ، ولما تقرر كتابة الحروف التركية بالحروف التركية اللاتينية بدلًا من التركية العثمانية ، طُبعت الليرة من جديد بالحروف الحديثة ، وفي العام 1940م طُبعت الليرة خارج الأراضي التركية في انجلترا وعليها صورة الرئيس ، وتم شحن الأموال لتركيا ولكن الحرب العالمية الثانية عصفت بالسفن بالقرب من ميناء يوناني ، أنقذ اليونانيين الليرة التركية ولكن الحادثة كانت سببًا في تدهور واضح لها
واتجه الأتراك بطباعتها في ألمانيا عن طريق البر من أجل توفير العملة الورقية ، ولكن لم يحالفها الحظ فقد طُبعت دون معرفة البنك المركزي الألماني فتقرر إلغائها ، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت تركيا تبحث حول طباعة عملتها الورقية ، داخل حدود الوطن فبدأ العمل عام 1951م بإنشاء مطبعة العملات والتي بدأت تعمل بعد سبع سنوات
وفي عقد السبعينيات من القرن العشرين عاشت الليرة التركية أيام عصيبة بسبب أزمة النفط العالمية في أعقاب حرب أكتوبر أثرت على الاقتصاد العالمي ، وتتصاعد الأزمة عندما يفرد حصار اقتصادي على تركيا لتدهور الليرة التركية ، حتى أن الألف منها لم يساوي الكثير ، وفي عام 1995م ، تم لأول مرة في تركيا طباعة العملة الورقية فئة المليون ، حتى أنها أدرجت في موسوعة جينيس في هذا العام على أنها المرتبة الأقل قيمة ، وظلت الليرة بهذا الترتيب حتى عام 2004م ، فقد حاولت الحكومة التركية أن تضع خطة لمواجهة التضخم الذي أصاب العملة وأضعفها ، فاضطرت الدولة لإصدار قانون تنظيم العملة
والذي تم بمقتضاه حذف ستة أسفار من العملة ، ليبدأ جيل جديد من الليرة الورقية ، وبعد حذف الستة أسفار تستعيد الليرة قوتها وتبقى الليرة عملة لها تاريخ