بعض الأحداث التي نمر بها تجلس وتستوطن قلوبنا ، ولا يكون لدينا منها سوى بعض الماضي ، الذي نتكئ عليه ، لنعبر من خلاله نحو مستقبل أفضل ، ولكن ليست كل الأحداث قابلة للمرور أو النسيان ، خاصة إذا ما كان متعلقًا بشخص مؤثر في حياتنا ، فلن تنسى الأم ابنها الذي غاب عن ناظريها بتلك السهولة ، وهذا هو ما حدث مع ليلى بالفعل
استيقظت ليلى في أحد الأيام ، وهي تصرخ في منتصف الليل بعدما سمعت صرخات ابنها الوحيد ، الذي فقدته منذ أسابيع ، ولا تدري عنه شيئًا ولا تعرف إن كان حيًا يرزق ، أم قتله من اختطفوه ، ولم تملك المسكينة سوى عدة رؤى في منتصف الليل
تسمع من خلالها صرخات طفلها المختطف ، ولا تملك سوى الصراخ أن أعيدوا لي طفلي ، فيهرع عليها شقيقها محاولاً تهدءتها ، وتسرع الممرضة بغرس المحقن في يدها ، حتى تهدأ وتخلد مرة أخرى للنوم
توالت الأيام وتلك الرؤى لا تفارق ليلى ، وكانت تشعر أن ابنها على قيد الحياة ، يناجيها أن تنقذه من مصيره الأسود هذا ، إلا أنها لم تكن تملك أي دليل على ما تراه وكانت تذهب إلى قسم ودائرة الشرطة للإبلاغ ، ولكن انفعال الضابط عليها منعها من الذهاب مرة أخرى ، ولكنه نبهها إلى أمر مهم ، عندما قال لها أطلعينا على المكان ، وسوف نداهمه فورًا بقواتنا من أجل طفلك وحتى يعود سليمًا
ظلت ليلى على هذا الوضع ، كل ليلة تسمع صوت طفلها يصرخ مستنجدًا أن تنقذه ، ولكن في إحدى الليالي ، شاهدت ليلى تغييرًا جذريًا في رؤيتها ، فقد لمحت سيدة تهرب برفقة طفلها ، ولكنها لم تتبين ملامحها وإنما شاهدت الساحة التي رأتهما فيها ، فبدأت في الخروج كل يوم للبحث عن هذا المكان علّها تجد ضالتها ، أمام نظرات شقيقها المرتابة نتيجة هذا الخروج بشكل يومي
ولكنها أبت أن تطلعه على سرها ، فهم لم يصدقوها من قبل ، وظنوا أنها تعاني من هلوسة بسبب اختفاء طفلها ، ولكنها آمنت بشدة بأن طفلها على قيد الحياة ، وهو من يبعث إليها بصرخاته عبر الأثير حتى تنقذه
بدأت ليلي في رؤية عقار ضخم ، فدخلته ووصلت إلى الطابق الخامس ، متعقبة صرخات طفلها ، حتى وصلت إلى الشقة المنشودة ، ثم مدت يدها لتفتح الباب ، ولكنها وجدت نفسها تفتح باب غرفتها وتواجه الممرضة فأخبرتها أن تمنحها بعض الماء لتشربه وما أن ذهبت الممرضة حتى ارتدت ليلى ملابسها وخرجت لتسير بسيارتها وهي عازمة على الوصول إلى الشقة التي كانت بها في رؤيتها الأخيرة ، حتى وصلت إلى المكان بالفعل
حاولت ليلى أن تصل إلى الشقة ، عن طريق ارتياد المصعد ، إلا أن حارس العقار أخبرها بأنه متعطل ، فصعدت على الدرج وهي تمني نفسها برؤية الصغير ، ولكن المفاجأة أنها عندما وصلت إلى المكان ، فوجئت بشقيقها حامد يخرج من تلك الشقة ، فنظرت له بعينين تائهتين وهي تسأله عما أتى به إلى هذا المكان
ولكن تدارك موقفه سريعًا ونهرها على خروجها من المنزل ، وحدث جدال حاد بينهما ، لم يقاطعه سوى صرخات طفلها ، فهرعت إلى الداخل حيث نسي حامد الباب مفتوحًا ، لتجد طفلها بين ذراعي امرأة أخرى ، تنظر إليها بذعر وهي تحاول إسكات الصغير ، فحملت ليلى طفلها واحتضنته
ولكن شقيقها جذبه من يدها بقسوة ، وأخبرها أنه هو من دبر كل شيء ، حتى يحصل على ميراثها من زوجها المتوفى ، وأنها ترفل في النعيم في حين يظل هو عاطلاً عن العمل ، ولا يجد ما ينفق من خلاله على نفسه ، ولا يستطيع حتى الزواج ممن يحب
في تلك اللحظة داهم رجال الشرطة المنزل ، فقد كانت ليلى قد أبلغتهم بشأن وجهتها ، وأخبرهم طبيبها المعالج أيضًا عما سمعه من حامد شقيقها ، بأن له يدًا في أمر اختطاف الصغير ، وبالفعل ألقي القبض على حامد وتم تسليم الطفل لأمه ، وتم إحالة حامد للمحاكمة