إن الطمع يأخذ من الإنسان أكثر مما يعطيه ، فقد يطمع الإنسان فيما لدى غيره فيترك ما لديه ، ولكنه لا يستطيع الوصول إلى ما بيد غيره ، فيخسر كل شيء ، وهناك مثل عربي دارج في نفس السياق يقول : نصف العمى ولا كل العمى ، وهذا المثل يدعو الإنسان للرضا بما لديه والقناعة بما في يده ، فعصفور واحد باليد خير من عشرة على الشجرة .قصة المثل :
يُحكى أنه كان هناك صياد مولعًا بصيد الطيور ، وكان هذا الصيد ماهر جدًا في استخدام القوس ورمي السهم ، فكلما كان يذهب للغابة كان يصطاد عشرات الطيور ويذهب لبيعها جميعًا بسوق المدينة بسعر كبير ، وفي واحدة من رحلات الصيد التي اعتاد أن يذهب إليها الصياد وجد بعض الغزلان تتجول بينما كان يصيد الطيور .فقرر أن يطاردها بدلًا من الطيور لأنها سوف تجلب له سعر أكبر ، فعاد في اليوم التالي ووضع فخًا للغزلان فوقعت به ، وفي نفس الوقت رأى الصياد بعض الطيور تقف على شجرة مجاورة فذهب يحاول صيدها ، ولكن كان حظه سيء فلم يستطيع صيد أي طائر .وكانت الغزلان تعلم أنها كي تنجو من يد الصياد عليها أن تصنع حيلة ما ، فتظاهرت الغزلان بالموت وعندما عاد الصياد ووجدها لا تتحرك ظن أنها ماتت ، فأراد حملها للذهاب بها إلى السوق وبيع لحمها ليكسب الكثير من المال ، وظلت الغزلان تنتظر الفرصة التي تهرب بها من يد الصياد .فحينما حملها الصياد وسار بها ، جلس تحت شجرة كبيرة ليستريح وفك الفخاخ من رجلها ، ظنًا منه أنها ميتة وبينما هو جالس وجد سرب من الطيور يحوم حوله ، فوجه قوسه وسهامه ناحيتهم وأخذ يحاول صيد بعضهم ، وهنا أدركت الغزلان أن تركيز الصياد لم يعد معهم بل مع الطيور .فبمجرد أن فك الفخاخ انطلقت الغزلان مسرعة بعيدة عنه ، وفوجئ الصياد بهروب تلك الغزلان التي كان يظنها ميتة ، أما الطيور فقد شعرت بالخطر بسبب الضوضاء التي أحدثتها الغزلان أثناء هربها ، فهربت هي الأخرى ، وهنا أدرك الصياد أن جشعه قضى عليه ، فقد عاد فارغ اليدين في ذلك اليوم لأنه لم يرضى بما معه وطمع في المزيد .