تعد هذه القصة واحدة من الحكايات الشعبية التي تخلد دور المرأة العربية عبر الزمن ، وتوضح مدى دهائها وقدرتها على القيام بما يقوم به الرجال من فنون القتال والحرب ، وهي قصة غريبة فعلًا لامرأة حر أبيها لم تقف مكتوفة الأيدي أما سرقة اللصوص لحيها .قصة المثل :
بدأت الحكاية حينما ذهب والد مزنه المطرودي برفقة رجال الحي لأداء صلاة الجمعة بعنيزة ، وكانت المسافة بين قريتهم التي يقطنون بها العوشزية ومسجد عنيزة مسافة كبيرة تبلغ حوالي سبع كيلو مترات .وقد اعتاد رجال القرية أن ينزلوا بعد أداء الصلاة بضيافة أحد معارفهم بعنيزة لشرب القهوة ، فكانت تطل غيبتهم حتى مغيب الشمس ، وفي ذلك الوقت كانت نساء الحي تبقي بمفردها لحين عودة رجالها .تلك العادة أغرت قطاع الطرق بالإغارة على قرية العوشزية وسرقة الماشية في غياب الرجال ، وبالفعل هجم اللصوص على القرية ، وقاموا بتجميع الماشية وساقوها عكس اتجاه عنيزة حتى لا تواجههم المتاعب .لم تستطيع مزنه المطرودي الفتاة الأبية أن تقف مكتوفة الأيدي أمام سرقة حلال والدها ، فتحركت على الفور وارتدت زى أخيها ووضعت العقال على رأسها ولثمت وجهها ، ثم امتطت الفرس وجعلت بعض النساء يفعلون مثلها ويحيطون بها كأنهم بطانة الفارس .وبعد ذلك هبت بفرسها تستعرض في حركات دائرية شجاعتها لم تقترب فيها كثيرًا من اللصوص ، ولكنها كانت على مسافة تسمح لهم برؤيتها حتى تثير فيهم الفزع وتجعلهم يشعروا أن بالقرية فرسان وهي ليست خاوية على عروشها .وبعدها اقتربت منهم حينما شعرت أن الخوف بدأ يتسلل إليهم ، وأمرتهم بصوت أجش أن يعيدوا ما سرقوا ، وإلا طلقت النساء بالثلاث وكان هذا اليمين وقتها عظيمًا ، وكانت بيدها بندقية تشهرها بوجههم وتلف على الفرس مستعرضة مهاراتها ومن خلفها تفعل النساء كما تفعل هي .فخشي الرجال من الفرسان الملثمين واتجهوا أذلاء إلى الحي ليردوا المواشي ، ولما سألها اللصوص عن هويتها قالت لهم : أنهم حامد المطرودي ، وبعدها استقبلتهم في ضيافتها حينما ردوا الغنائم ، وأعد لهم نساء الحي القهوة والعشاء .ولم ينكشف الأمر إلا حينما عاد الرجال من عنيزة وعلموا بالخبر بعد ما رحبوا بضيوفهم ، فقد أصر اللصوص على معرفة الفارس الذي أرهبهم في غياب باقي الرجال ، وهنا أعلن الأب عن هويته وأخبرهم أن الفارس لم يكن سوى ابنته مزنه ، ومن يومها يضرب ذلك المثل في الشجاعة والإقدام ، فيترحم الناس على مزنه .