شكل سهل نازكا الواسع المرتفع على الساحل الغربي لبيرو ، عقبة أمام خطط إنشاء طريق واسع يمتد عبر قارة أميريكا الجنوبية ، وخلال عمليات ومسح واستكشاف أفضل السبل المتاحة لشق طريق دولي ، عبر ذلك السهل الصحراوي الممتد الأطراف ، عثر المساحون على آثار مدهشة خلفها هنود الأنكا القدماء ، الذين كانوا يتنقلون بطرقهم الخاصة عبر ذلك المجاز المتشابه المعالم .كانت خطوط خرائط المساحين تتقاطع أحيانًا مع ممرات الأنكا القديمة ، ولكنها كانت في أحيان أخرى تسير لمسافات طويلة بموازاة تلك الممرات ، والتي كانت تمتد في خطوط مستقيمة تصل إلى أكثر من 20 ميلا ، وكانت تلك الخطوط تمثل أقصر الطرق بين قرى الأنكا ومعابدهم ، والتي يرجع تاريخها إلى 2000 سنة مضت .الانتهاء من التخطيط :
وفي عام 1927م ، تم الانتهاء من تخطيط طريق يمتد من ليما في الشمال وحتى نازكا ، ثم يمتد جنوياً نحو حدود تشيلي وبوليفيا ، وهيأت حكومة بيرو المعدات اللازمة لتنفيذ المشروع ، وكان من بين تلك المعدات ثلاث طائرات استكشاف مستعملة مع طيارتها لتستكشف المساحة ، الواقعه بين المحيط الهادي وقمة جبال الأنديز ، بغرض استكمال الخرائط التي يحتاجها المشروع .المساح توربيو والآثار العظيمة :
طار المساح توربيو كسيسيب على ارتفاع ثلاث آلاف قدم ، فوق نجدنازكا والذي تبلغ مساحته 200 ميل مربع ، فشاهد خطوط النازكا القديمة وصفوفاً من الجلاميد الصخرية ، التي سرعان ما تبين توربيو مع الطيار المرافق له ، أنها تمثل صور حيوانات عملاقة .وكان هناك شكل للطائر الذبابي (الطنان) ، يبلغ طول جناحه أكثر من 200 قدم ، وكانت هناك أشكال على هيئة حوت قاتل ، وأسماك وحيوانات وحشرات وطيور على هيئة محاربين أشداء على رؤوسهم تيجان ، علاوة على أكثر من 100 شكل لولبي ومثلثات ، وخطوط مستقيمة هائلة العدد ، وكلها بقياسات ضخمة وبصورة لا تصدق .اكتشاف المعرض الضخم :
قبل اكتشاف توربيو هذا ، كانت صحراء نازكا مجرد مساحة مليئة بالرمال والصخور ، غير أنها أصبحت بعد ذلك الكشف معرضاً ضخماً للفن ، ينبغي على مرتاديه أن يحلقوا عاليًا في الجو حتى يستمتعوا بما يشاهدونه .لقد ازدهرت حضارة الأنكا في عام 200 قبل الميلاد ، إبان ازدهار الامبراطورية الرومانية في العالم القديم ، وقد كان للرومانيين طرق مواصلاتهم ، بيد أن طرق مواصلات الأنكا كانت شيئاً آخر ، بل وهي الخطوط المستقيمة كانت تبدو كمدرجات حديثة لهبوط الطائرات .اكتشافات البروفيسور بول كوسوك :
كان البروفيسور بول كوسوك ، من جامعة لونج آيلاند أول عالم اهتم بكشف أسرار الأنكا في صحراء نازكا ، وذلم بعد مرور 12 عاماً ، من اكتشافها ، فقد أخذ يلتقط الصور ويدرسها ، وكان يقوم بعمله عند الصباح الباكر هارباً من لفح الصحراء الحارقة .وفي 22 يونيو عام 1940م ، لاحظ بول كوسوك بزوغ الشمس من خلف جبال الأنديز من لدن الطرف البعيد لأحد الخطوط الممتدة أمامه ، وكان ذلك اليوم هو بداية فصل الشتاء في نصف الكرة الجنوبي ، استنتج كوسوك بوضوح أن الخطوط المستقيمة العديدة ، كانت علامات تقويم ضخمة ، لتحديد الفصول ومواعيد الزراعة والحصاد وما إلى ذلك .الخبيرة الألمانية ماريا ريخ :
وفي عام 1959م دون أن يقدم تفسيراً لوجود أشكال الحيوانات والآدميين الضخمة ، كان كوسوك قد استعان ففي أبحاثه المتأخرة بعالمة الآثار والفلك ، والخبيرة الألمانية ماريا ريخ ، والتي كانت تعمل مديرة مدرسة في عاصمة الأنكا القديمة كوزكو .منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية ، وكانت قد توصلت مع كوسوك إلى أن الخطوط المستقيمة لم تكن علامات للشمس والقمر وحسب ، بل كانت تدل على موقع العديد من النجوم ، ثم قالت ريخ بأن أشكال الحيوانات كانت مجرد أعمال فنية للزينة ، وذلك أن علماء الآثار اكتشفوا بعض الأواني الذهبية ، والثياب المزخرفة علاوة على نماذج مصغرة للحيوانات التي رسموها مضخمة على الصخور .نظرية الكاتب دانيكن :
لقد أقنعت تفسيرات ماريا ريخ وكوسوك معظم العلماء والمفكرين ، بيد أن الكاتب إريك فون دانيكن والذي حاز اعجاب ملايين القراء بكتابه ، عربة الآلهة ، طلع علينا في السبعينيات بنظرية مفادها ، أن صحراء النازكا شهدت هبوط زوار غرباء قدموا من الفضاء ، وحطت مركباتهم الفضائية على تلك المدرجات المستقيمة ، وقد أخذ البعض نظرية دانيكن على محمل الجد ، فقام أحد الطيارين بالهبوط بنجاح فوق أحد الممرات المستقيمة ، على سبيل التجربة للتحقق من صحة نظرية دانيكن .اكتشاف جيم وودمان :
وبعد ذلك جاء الأميريكي جيم وودمان وزار صحراء نازكا ، ووجد قماشا محاكاً ، بشكل محكم وأفراناً ، فادعى أن الأنكا كانوا يملأوون بالونات من ذلك القماش بالهواء ، الساخن ويطيرون بها فوق صحراءهم للاستمتاع بمشاهدة ما يصنعونه من أشكال فنية وزخارف .وقد قام وودمان عام 1975م ، بالتعاون مع خبير مناطيد انجليزي يدعى جوليان نوت ، بصنع بالون من نسج الهنود المحليين ، وبصنع سلسلة من القصب علقاها بالبالون المملوء بالهواء الساخن ، وطارا فوق صحراء النازكا ، حيث استمتعا بمشاهدة تفاصيل المنظر الرائع تحتهماتفسيرات وأسئلة عديدة :
وبعد طرح كل هذه النظريات ما زال اللغز الغامض عن النازكا قائماً ، فما هو حل لغز آثار صحراء النازكا ، وهل تكمن الاجابة فى مزيج من النظريات المعقدة التي طرحها العلماء ، وهل أشكال الحيتان الضخمة والعناكب القاتلة ، والمحاربين نوعاً من الانذار للغزاة القادمين من الفضاء ، ويقول لهم : هذا عمل أناس عمالقة ، فلا تقربوا ، الهبوط هنا فيه هلاككم .؟! فحتى الآن مازال الغموض يسيطر على صحراء النازكا .