يسير الكون وفقًا لإرادة المولى عزوجل ، والتي لا يعلو عليها شيء فالأنهار تسير بإذنه ، وتحمل السحب الأمطار التي تهطل أينما ووقتما شاء الله ، وليس لنا أن نعلم كيفية كل ما يحدث حولنا بمشيئته ، فلله تعالى حكمة فيما نراه ويحدث حولنا .ولقد سخر لنا الله العلم من أجل المعرفة والتنوير ، حتى نفسر كل ما نمر به إذا ما استطعنا ، ولكن ليس معنى ذلك أن نجد تفسيرًا لكل ما يحيط ، ولقد سردنا من قبل قصصًا لظواهر طبيعية ليس لها تفسيرات ، رغم العديد من النظريات العلمية التي طُرحت حولها ، والبعض الآخر تم تفسيره فعليًا وفقًا لما أرسله الله لنا من نعمة العلم والمعرفة ، وقصتنا التالية حول إحدى الأماكن الطبيعية والتي تُدعى بحيرة النطرون.هل يمكنك أن تتخيل إذا ما تحول كل من توفى إلى حجارة ، كيف ستكون هيئته ؟ هل يمكنك أن تتخيل أن الرعب ليس موجودًا فقط بالأماكن المهجورة أو المسكونة ، وإنما يوجد في كل ما حولنا .فالعالم ممتليء بملايين الكائنات الأصغر منا حجمًا ولكنها قد تكون أقوى بملايين المرات ، فكل شيء بالكون لديه القدرة على منحك ما يجعلك أن تظل على قيد الحياة ، ولكنه في نفس الوقت يستطيع أن يسلبك حياتك بمنتهى السهولة أيضًا .بالانتقال في رحلة سريعة إلى تنزلنيا بقارة أفريقيا ، نجد بحيرة طويلة وممتدة بعمق يصل إلى ثلاثة أمتار ، وطول يبلغ 57 كيلو مترًا ، وبعرض يبلغ 23 كيلو متر ، والملفت للنظر هو لون تلك البحيرة ، حيث تتلون بلون الدماء ، وهذه البحيرة تعرف باسم بحيرة النطرون ، وقد تم تصنيفها كأحد أكثر الأماكن المرعبة على سطح الأرض ، لماذا ؟بشكلٍ مبدئي من خواص بحيرة النطرون أن ملحية للغاية ، وقلوية جدًا ، ويتبخر أغلب الماء منها ويترك بها الأملاح ويتزايد الكبريت بداخلها ، ونتيجة لذلك تتراكم عليها البكتيريا التي تتغذى بشكل رئيس على تلك الأملاح ، وهذه الأملاح تتلون باللون الأحمر الدموي ، لذلك تبدو البحيرة وكأنها بحيرة من الدماء تقع بين الجبال.وبالاقتراب من البحيرة لمعرفة تفاصيلها ، قام أحد المصورين ويدعى تيك برانت ، بالذهاب إلى تلك البحيرة لالتقاط صورًا حصرية لها ، وهنا وجد برانت كمية كبيرة من الكائنات التي تغطي شاطئ البحيرة مثل ؛ جثث الغربان ، والفلامينجو والعديد من الخفافيش المتحجرة ، وكلها بدون أعين ! هل تتخيل أنك تسير على شاطئ بحيرة دموية للغاية ، وعليها جثثًا من الكائنات المتحجرة منزوعة الأعين.تم تفسير الأمر نظرًا لطبيعة المياه ، فمياه البحيرة من المستحيل أن يحيا بها أي كائن حي ، نظرًا لطبيعة تكوينها وبالتالي فعند اقتراب أي كائن منها ، تنفجر عينيه على الفور ويحترق جسده بالكامل ، وبالتالي فكافة الطيور والحيوانات والكائنات التي حاولت الاقتراب من هذه البحيرة بغرض الحياة بها أو شرب المياه حدث معها نفس الشيء ، انفجار الأعين ، واحتراق الجلد بالكامل ، بالإضافة إلى دور الكميات الرهيبة من بيكربونات الصوديوم على تحويل أية جثة إلى مومياء حجرية في لحظات قليلة.وما يثير الرعب هنا ، هو أن المشهد يبدو وكأن جيش من الطيور قد خرج من أعماق المياه عائد من الموت إلى الحياة مرة أخرى ، ولكنها جثثًا ضريرة لا تستطيع الرؤية دون أعين ، ولاحظ برانت وجود قطرات مياه حمراء اللون على ألسنة كافة الكائنات المتحجرة ، حيث تبخر الماء وترك على ألسنتهم آخر قطرات من المياه كانوا يرغبون في تناولها .يمكنك الآن تخيل تلك اللحظات الأخيرة في حياة تلك الكائنات ، وأن قطرة المياه التي كان من المفترض أن تروي عطشهم كانت هي آخر ما شاهدوه قبل أن تنفجر أعينهم ، يليها لحظات الاحتضار ، ثم الظلام التام .تم تكريم تلك الكائنات المتحجرة وتسجيل دموية هذا المكان ، عندما قام برانت بجمع عدد من الطيور المتحجرة ووضعها في ماء بحيرة قريبة منه في وضعية الحياة والتقاط صور لهم ، والآن المكان الذي تقع به بحيرة النطرون مفتوح للزيارة لكافة محبي الرعب والمغامرة ، ولكن دون الاقتراب من البحيرة نفسها.