قصة موريتانيا والشاي

منذ #قصص منوعة

بالتأكيد لديك من الأصدقاء من يهوى تناول مشروب الشاي ، لدرجة أنه قد يتحكم في مزاجية أحدهم ويتفاءل البعض بسببه أو يتشاءم ، ولكن هل تعلم أن بعض الدول ينتشر بها الشاي حد الإدمان؟يناول الشعب الموريتاني الشاي طوال اليوم ، حتى أنه قد يشكّل مفهومًا خاصًا بهم ، فيتم عمل حفلات الشاي وتُعد له جلسات عائلية قد تستمر لبضع ساعات متواصلة ! حتى أن البعض قال أنه كان يجب أن يتم اكتشاف الشاي بموريتانيا وليس الصين ، فقد أصبح جزء لا يتجزأ من الثقافة والهوية الموريتانية ، خاصة لدى أبناء شنقيط .يكفي أن موريتانيا قد ودعت أحد ضيوفها وهو رئيس الحكومة المغربية ، بمنحه كيلوين من الشاي نظير حل الخلاف الدبلوماسي الأخير بين البلدين ، مما يبرز أهمية هذا المشروب لديهم.تكاد المجالس لدى الشعب الموريتاني لا تخلُ من مشروب الشاي ، حيث يتساوى الجميع في عشقهم له ، ويقدمونه بشغف شديد ومحبة لضيوفهم ، خاصة بالسفارات والأماكن الدبلوماسية !  كما يمثل تناول الشاي لديهم تقليدًا اجتماعيًا مهمًا للغاية.ورغم هذا الولع الشديد من جانب الموريتانيين للشاي إلا أنه لم يتدفق في ثقافتهم من قبل مثلما حدث مؤخرًا ، حيث كان يقتصر تناوله على نخبة وصفوة محددة من الأثرياء ، بداية من رئيس موريتانيا وكافة صفوة المجتمع ، لدرجة أن الرئيس الموريتاني السابق قد ذكر أنه الشاي لم يكن متداولاً في موريتانيا بهذا الشكل خلال فترة صباه ، عدا بعض الطبقات الثرية بها هم من كانوا يتناولونه ولكن ليس بتلك الكثافة أيضًا.جذور انتشار عادة تناول لشاي :
ذكر العديد من المؤرخين بأن الشاي قد ظهر في موريتانيا مع حلول منتصف القرن التاسع عشر ، وقد ذكر الباحث الفرنسي ألبير ريش ؛ وهو خبير في الشأن الموريتاني ، بأن التاجر السباعي عبد المعطي وهو من أبناء طبقة التجار في موريتاينا ، هو من أدخل الشاي إلى مويتانيا عام 1875م ، وأن فترة انتشار الشاي في موريتانيا كانت بين عامي 1858م و1875م.حيث وصل الشاي إلى موريتانيا من الجهة الشمالية ، وذلك عن طريق سفن هولندا والبرتغال والتي كانت قد رست في موانيء إسبانيا ومملكة المغرب ، ليعبر عبر المغرب وينتقل إلى موريتانيا ؛ نظرًا لنشاط العمليات التجارية إبان تلك الفترة في عهد الأمير أحمد ولد محمد ، والذي كان على صلة قوية ببلدان الشمال .ومازالت موريتانيا تعمل على استيراد الشاي من مختلف البلدان ، فطبيعة الأراضي والطقس في موريتانيا تمنع السكان من زراعة هذا النبات ، رغم القوة الشرائية له على أرضها.وجدير بالذكر ، أن العلماء المسلمين الموريتانيين قد اختلفوا فقهيًا حول الشاي بين من حلله ومن حرمه ، كشأن أي أمر آخر ينال أكثر من حدوده ، وكذلك نرى للموريتانيين طقوسًا خاصة بهم عند تناول الشاي ، حيث يلتزم القائم بإعداده ويعرف باسم آتاي بالعادات والتقاليد الموريتانية القديمة ، والتي تشرح كيفية تناول الشاي مع ثلاثة أشخاص وليس أقل ، ويتم وضعه على الفحم مع التمهل عليه قبل أن يتم رفعه عن النار وإعداده .كما يتطلب من مُعد الشاي أن يكون خبيرًا بهذا الأمر ؛ ويتبين ذلك من إطالته في إعداد الشاي والتأكد من مذاقه قبل سكبه للآخرين خاصة الضيوف منهم ، بالإضافة إلى حسن هندامه ولباقته وحسن عشرته ، حتى يحلو تناول الشاي معه.وجدير بالذكر أن الشاي يتم تناوله في الصباح الباكر ، وفي المساء ليلاً ، ويُقدم للضيوف ، ويمثل عنصرًا مهمًا في الأعياد والمناسبات ، ولا تحلو الزيارات العائلية بدونه ، مع وجوب إعداده في أواني الشاي الخاصة ، وشربه في الأباريق والكؤوس المعده خصيصًا له ، ولعل جلسة تناول الشاي بالنسبة للموريتانيين فرصة جيدة جدًا للحديث والتعارف ، ونقاش كافة أمور الحياة.

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك