تخيل الجسم كما لو أنه قطعة من الخبز الافرنجي ، وأنك تنظر إليها من الطرف الذي يقع في نهايتها ، فإن قمت بتقسيم هذه القطعة وإزالة كل شريحة من الخبز لوحدها ، ستتمكن عندها من رؤية سطح شريحة الخبز كاملة من القشرة إلى المركز .وهكذا الأمر نفسه بالنسبة للجسم فهو يبدو في التصوير المقطعي بشكل شرائح ، تظهر كل شريحة الجسم بداية من الجلد حتى الأجزاء المركزية في الجسم ، وعند وضع هذه الشرائح والطبقات معًا ، يمكن حينها الحصول على صورة ثلاثية الأبعاد للمنطقة المراد تصويرها ، فتظهر بها العلة أو الورم.ويتيح جهاز التصوير بالأشعة المقطعية المحورية بالكمبيوتر ، والتي تعرف اختصار بالانجليزية بال CAT رؤية ما بداخل الجسم دون الحاجة لإجراء جراحة ، حيث يعتبر المخ عضوًا حساسًا جدًا وعندما يصاب بعلة ما فلا يملك أحد أن ينفعه إلا بالقليل ، ويعد إجراء أي عملية جراحية للمخ أمر بالغ الخطورة ، خاصة عندما تكون غير واثق من تشخيص العلة في المقام الأول ، لذا كان من الضروري رؤية ما بداخل المخ دون إجراء عملية ، وقد حدث هذا مع ظهور الأشعة المقطعية .وظيفة المخ :
عندما يعتل المخ فإن جميع المشكلات يمكن أن تنشأ ؛ فالمخ يرسل ويستقبل مئات الرسائل في كل ثانية ، كما أنه يتحكم في كل أنشطة الجسم بدءا من تحريك العضلات وحتى التنفس ، وهو مكون من أنسجة رخوة جدًا ، ولذلك فإنه محمي بواسطة عظام الجمجمة القوية ، وعندما يتلف المخ أو لا يؤدي وظيفته كما ينبغي ، يصعب على الأطباء أن يقوموا بالدور المطلوب منهم ؛ لأنهم لا يستطيعون رؤية ما بداخل المخ حتى يتمكنوا من وصف ما أصابه ، والكثير من المرضى يموتون بسبب أن علاتهم لم يتم تشخيصها.اكتشافات تقود لاختراع جهاز الأشعة المقطعية :
في البداية اكتشف الفيزيائي الألماني فيلهلم رونتجن عام 1895م ، أشعة إكس وفي بضعة أشهر تم استعمالها لرؤية العظام المكسورة ، وبعد ذلك بعام قام توماس أديسون بتطوير الفلورسكوب حتى يتمكن من عرض صور أشعة إكس ، وفي سنة 1913م ابتكر وليام كوليدج وسيلة لزيادة فاعلية أنبوب أشعة اكس أكثر من ذي قبل .ومع تطور أجهزة الكمبيوتر والتصوير الرقمي تم استخدام أجهزة كشف خاصة لقياس كم أشعة اكس التي تمر داخل الجسم ، حيث ترسل المعلومات إلى جهاز كمبيوتر يحول البيانات إلى صورة يمكن رؤيتها على شاشة .تصوير المخ :
قام برنارد جوردن عام 1975م باختراع جهاز التصوير بالأشعة المقطعية ، وهو عبارة عن جهاز يستخدم لالتقاط صور لأعضاء الجسم الداخلية بما في ذلك المخ ، وهو يتكون من جهاز أشعة إكس وسلسلة من أجهزة الكشف ؛ حيث يقوم جهاز أشعة اكس بتصويب عدد من حزم أشعة اكس الرفيعة جدًا من اتجاهات مختلفة فتخترق أحد أجزاء جسم المريض ، وعندئذ تصطدم الأشعة بأجهزة الكشف ، وتقوم هذه الكشافات بقياس كثافة أو قوة الأشعة ، ثم تقوم بتغذية الكمبيوتر بهذه المعلومات ، فيصنع الكمبيوتر صورة مقطعية لذلك الجزء من الجسم الذي تم مسحه بأشعة اكس .استخدامات الأشعة المقطعية ومخاطرها:
وتستطيع صورة الأشعة المقطعية للمخ CAT أن تخبر الأطباء إذا ما كانت هناك إصابة بالمخ أو ما إذا كان المريض يعاني من ورم أو أي نوع أخر من الأمراض ، فالتصوير بالأشعة المقطعية يستخدم لتحليل الهياكل الداخلية للأجزاء المختلفة من الجسم .وتحديدًا الرأس لمعرفة إمكانية وجود إصابات رضية مثل : تكون الجلطات أو كسور الجمجمة أو وجود بعض الأورام والالتهابات ، كما يشمل أيضاً العمود الفقري ، فالتصوير بالأشعة المقطعية يراقب الهيكل العظمي للفقرات بدقة ، ويظهر تشريح الأقراص الفقرية وأيضا النخاع الشوكي ، كما يمكن استخدام تلك التقنية لقياس كثافة العظام بدقة ، وذلك لتقييم مدى تقدم حالة هشاشة العظام لدى كثير من المرضى.ومع حدوث هذه الطفرة في تشخيص المرض تمكن الأطباء من علاج الكثيرين ، وقلت الأخطاء الطبية في العمل ، والجدير بالذكر أنها مخاطرها قليلة إذا ما قورنت بفوائدها فكمية الإشعاع التي يتعرض لها الجسم تعتبر ضمن الحد المسموح ، ولكن في بعض الحالات قد ينشأ الطفح الجلي أو دفء الجسم لدى بعض الأجسام المضادة للسائل الظليلي الذي يحقن به المريض ، ولكن يمكن التغلب عليها مع بعض المضادات الحيوية أو دونها.