قصة النازية في قفص الإتهام

منذ #قصص منوعة

عندما تم القبض في صباح يوم 14 يونيو 1945م ، على وزير الخارجية الألماني ، يواكيم فون ريبنتروب ، كان مايزال في ثياب النوم ، وقد ألصق على جسده علبة سم صغيرة ، وبرغم أنه عمل وزير للخارجية لمدة 7 سنوات ، وعمل قبل ذلك سفيراً في لندن لمدة سنتين ، فإنه لم يستطيع نطق اسم تشرشل بشكل صحيح ، لقد دعاه السيد وينسنت تشرشل .النازيون بين القتل والانتحار والهرب :
هكذا كان معظم النازيون ، يدّعون التفوق ولا يهتمون بغيرهم من الشعوب ، ولكن عندما تم احضار 20 شخصية من كبار قادة النازية ، لمحاكمتهم في نورمبيرغ  ، تبين أنهم أشخاص عاديون يشتكون ويتظلمون ويتهمون بعضهم البعض ، غير أن بعض الأسماك الكبيرة قد نجت من شبكة الحلفاء ، فهتلر نفسه انتحر ، ومثله فعل غوبلز ، الذي سمم أبناؤه الستة ، قبل أن يأمر أحد أعوانه بإطلاق النار عليه وعلى زوجته .وكذلك حاول هيملر الهرب متنكراً إلى بافاريا ، لكن الانجليز اعتقلوه عند نقطة تفتيش دون أن يعرفوا هويته ، ولما عرفوه بعد عدة أسابيع تناول كبسولة سيانيد تسببت في وفاته ، هذا ولم يتم العثور على نازيين آخرين مثل هنريخ مولر ، ومارتن بورمان ، أدولف ايخمان .اعتقال غورنغ :
ولم يكن القصد من محاكمات نورمبيرغ  مجرد محاكمة أفراد ، وإنما محاكمة النظام النازي بأسره ، وكشف ذلك النظام أمام الشعب الألماني والعالم ، كان غورينغ أكبر شخصية نازية تم اعتقالها ، وكان مرشحاً في يوم من الأيام لخلافة هتلر ، كما أنه شارك في الحرب العالمية الأولى ، وأبدى خلالها شجاعة فائقة ، وقد التحق بالحزب النازي عام 1922م ، لكن غورنغ فقد منزلته بعد فشله في تحطيم بريطانيا ، حيث طرده هتلر من الحزب ، ولجأ هو إلى العزلة وتعاطي المخدرات ، وأخذ وزنه يزداد بدرجة كبيرة  ، وبعد هزيمة ألمانيا سلم غورنغ نفسه للأميركيين ، خشية اغتياله من رفاقه النازيين ، حسب قوله .اعتقال ردولف هيس وآخرين :
ومن الشخصيات الهامة التي ألقي القبض عليها أيضًا ، رودلف هيس الذي حاول في شهر مايو عام 1941م ، أن يتفاوض على مسؤوليته مع البريطانيين لتوقيع معاهدة سلام بين بريطانيا وألمانيا النازية ، ولكنه اليوم أخذ يدعي فقد الذاكرة .وكان من بين المعتقلين أيضا الكاتب الفرد روزنبيرغ ، والكاتب بالدورفون شيراك ، الذي كتب إلى زوجته من السجن يقول : أريد أن أتكلم أمام القضاء وأحاسب نفسي ، لقد ضللت كثيراً من الشبان وجعلتهم يحبون هتلر ويؤمنون به ، واليوم أريد أن أحررهم من ذلك الوهم ، وحالما أقول ذلك أمام القضاء ، فليشنقوني بعدئذ .أما الصحافي المعادي لليهود ، يوليوس ستريخر ، فكان أغبى من تم القبض عليهم ، ذلك أنه كان يتحدث عرضاً مع ظابط أمريكي ، فقال له الأخير : بأنه يشبه يوليوس ستريخر ، فما كان من المغفل إلا أن سارع إلى القول : وكيف عرفتني ؟!محاكمة نورمبيرغ :
بدأت محاكمة نورمبيرغ في 20 نوفمبر عام 1945م ، واستمرت 218 يوماً ، قدمت خلالها حمولة شاحنة من المستندات والوثائق ، وتكلفت أكثر من 4 مليون دولار ، وكانت التهم الموجهة إلى المعتقلين تدور حول مشاركتهم في جرائم حرب ، وجرائم ضد الانسانية والسلام ، وقد رفض الجميع الاقرار بأنهم مذنبون ، وقالو بأنهم كانوا ينفذون الأوامر والتعليمات المعطاة لهم .ومع ذلك فإن الكثير من كتب التاريخ ، التي تتحدث عن الحرب العالمية الثانية ، استمدت جزءاً كبيراً من مادتها من محاكمات نورمبيرغ ، ومما قاله النازيون واعترفوا به خلال تلك المحاكمات .الاعترافات والمدافعة :
حاول غرونغ أن يتبرأ من معرفة ما كان يحدث في معسكرات الاعتقال ، فقال : كلما علت مرتبتك كلما ابتعدت عن معرفة ما يجرى دونك ، ثم أردف وقال : بأن المسئولين الكبار ، لم يكونوا يعلمون ماذا يحدث في معسكرات الاعتقال ، وبالطبع لم يكونوا يشاهدون ذلك ، ودافع عن هتلر وقال : بأنه لا أحد مسئول .أما اذا كان لابد من كبش فداء فهيملر وحده هو المرشح لذلك ، لأنه كان لا يخبر أحدًا بما يفعله أو يأمر به ، وعلى العموم فهيملر ليس ألمانياً حقيقياً : انظروا إلى وجهه أو إلى شكل رأسه وشعره ..إن دماء العبيد السود تجري في عروقه .لقد دافع غورنغ ببساله عن نفسه وعن رفاقه المعتقلين ، وأحرج قضاته في أكثر من مرة ، وخاصة عندما ذكرهم بإلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما فقال : المنتصر دائمًا ، يحاكم المهزوم ، ولو انتصرنا لكنتم أنتم الآن في قفص الاتهام ، لماذا لم تحاكموا الروس عندما هاجموا فنلندا عام 1939م ؟.غورنغ وجرائمه :
ومع ذلك ، من غير غورنغ جدير بالإدانة ؟ ، إذ هو الذي أسس قبل الحرب جهاز الغستابو ، ومعسكرات الاعتقال والتعذيب ، وهو الذي شن الحرب ضد اليهود ، كما أنه سرق شخصياً من كنوز أوروبا وتحفها ، ما يقدر قيمتة بنحو 20 مليون جنيه استرليني .غرائب اعترافات محاكمة نورمبيرغ :
ومن أغرب ما شهدته محاكمات نورمبيرغ ، محاكمة كالتنبرونر الذي تباهى بأنه كان مسئول عن معسكرات الموت في أوشويتز من عام 1940م : 1943م ، ذلك المعسكر الذي شهد تصفية مليونين ونصف مليون شخص ، وقد أبدى أسفه لأنه لم يتمكن من تصفية نصف مليون آخرين ، والذين ماتوا بسبب الجوع والمرض.اعترفات اجلمار شاخت :
هذا من جهة ، غير أننا نجد من جهة أخرى شخصاً مثل الاقتصادي اللامع اجلمار شاخت ، الذي تبرأ من النظام النازي وذكر المحلفين أنه كان معتقلًا بسبب معارضته العلنية للسياسة النازية ولهتلر ، ثم ختم كلامه بقول : وأنا لا أفهم لماذا تضعونني في قفص الاتهام مع هؤلاء المجرمين ؟.انتهاء المحاكمة وصدور الأحكام :
وفي 30 سبتمبر عام 1946م انتهت محاكمات نورمبيرغ ، وفي اليوم التالي مباشرة صدرت الأحكام ، ببراءة ثلاثة أشخاص من بيهم شاخت ، والسجن من بين 10 و20 سنة لأربعة أشخاص آخرين ، والمؤبد لـ 3 أشخاص من بينهم هيس ، أما الباقي فقد حكم عليهم بالإعدام شنقاً حتى الموت ، كما تم الحكم على مارتن بورمان بالإعدام غيابياً .تنفيذ الأحكام:
هذا وقد تمكن هيرمان غورنغ ، برغم الحراسة المشددة عليه من الحصول على السم ، وتناوله قبل موعد تنفيذ الحكم بيوم واحد ، أما بقية المحكومين فقد تم تنفيذ حكم الإعدام في اليوم التالي وفقًا الخطة المرسومة ، وقد أخذت جثثهم مع جثة غورنغ ، وأُحرقت في مكان مجهول لم يتم الاعلان عنه .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك