قصة توبة مالك بن دينار

منذ #قصص دينية

من أروع قصص التوبة التي يمكن أن تسمعها قصة مالك بن دينار ، وهو رجل من التابعين كان يحيا حياة السكر والعربدة ، حتى مر بمحنة كبيرة وتحولت حياته من نقيض إلى نقيض بفضل طفلة وهبها الله له فغيرت له الكون وأذاقته طعم النعيم ، وأصبح بفضل عطية الله رجلًا من أهل الجنة كما جاء في حلمه ، وللقصة بداية سأقصها عليكم .قصة مالك بن دينار :
بعد توبة مالك بن دينار ، أخذ يحكي قصته ، ويرددها على مسامع الحاضرين ، لعله يوجد من بينهم من يجد فيها العبرة ، وتكون سبب لهدايته ، ويقول فيها : لقد اشتريت جارية بجمال فتان ، وأنجبت منها طفلة كانت هي النعيم .وكنت حينها أعاقر الخمر ، ولا أتركه من يدي ، وعندما شبت ابنتي قليلًا بدأت تلاعبني ، وكلما أمسكت كأس الخمر أسقطته من يدي كأنها تقول لي : أبي لا تشرب ،وظلت على هذا الحال معي حتى جعلتني أترك الخمر من أجلها ، وصارت هي لهوي وفرحي ، فكان ضحكها بالنسبة لي هو السعادة بعين ذاتها ، حتى قدر الله أن تفارقني ، وترحل إلى بارئها.فغضبت بعدها غضبًا شديدًا ، وحزنت أحر الحزن على فقدها ، وعدت إلى الخمر ، وكل أشكال الفتن ، وما وجدت فاحشة إلا وفعلتها حتى جاءت ليلة النصف من شعبان حدث ما لم أكن أتخليه ، ومن يومها تركت الخمر ، وابتعدت عن معصية الله .رؤية مالك بن دينار:
يروي بن دينار أنه في ليلة النصف من شعبان عاد ثملًا كعادته ، فنام على غير صلاة ، ورأى في منامه ، أن يوم القيامة قد حان ، ونفخ الملك في السور ، وبعث الناس من القبور ، وحشر الناس جميعا وأنا معهم .والتفت ورائه ليتبين ما يحدث ؛ فإذا بتنين عظيم يشغل ما بين السماء والأرض يفتح فاه ، محاولا التهامي ، ففزعت منه وهربت ، وإذا بشيخ ذو ريح طيب كريح المسك يقف أمامي ، فألقيت عليه السلام ، فرده علي ، فطلبت منه أن يجرني من التنين ، فقال : أنا ضعيف ، وهو أقوى مني ، فأسرع لعلك تجد النجاة بعيدًا .فتركت الشيخ ، وأخذت أجري حتى رأيت النار وكدت أهوى فيها ، فنادى علي منادي قائلًا : أرجع فإنك لست من أهل النار ، فشعرت ببعض الاطمئنان ، ولكني تذكرت التنين ، فعدت إلى الشيخ الطيب وقلت له أجرني ، فقال له : أنا ضعيف ، ولكني سأدلك على طريق للنجاة ، أذهب إلى هذا الجبل ففيه ودائع المسلمين ، ولك هناك وديعة لعلها تنجيك .نجاة بن دينار بفضل وديعته:
يستكمل بن دينار قصته قائلًا : فاستدرت لأرى الجبل ، فإذا به جبل مستدير من الفضة ، فهرعت إليه والتنين مازال يلاحقني ، حتى أوشك أن يدركني ، فنادت الملائكة على أهل الجبل أن يخرجوا ، لعلني أجد وديعة تنجيني .فخرجت الأطفال أفواجا أفواجا ، حتى رأيت ابنتي فيهم ، فصاحت أبي ، ووثبت على كتفي وتعلقت بي ، ومدت يدها اليمنى إلى التنين ، فهرب منها وابتعد عني ، فأجلستني وجلست في حجري ، وأمسكت بلحيتي وقالت قول الله عز وجل : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله .فبكيت وقلت لها يا بنيتي : أنتم تعرفون القرآن ! فقالت : نحن أعلم به منكم ، فقلت لها فأخبريني عن التنين العظيم الذي كاد أن يفتك بي ؟ قالت : هو عملك السيئ قويته وعززته فكاد أن يلتهمك ، ويغرقك في نار جهنم.قلت لها : فأخبريني عن الشيخ الطيب ؟ فقالت : هو عملك الطيب قللته وأضعفته حتى صار ضعيفًا لا يقوى على مواجهة عملك السيئ ، قال لها : وما بال هذا الجبل لماذا تقطنوه ؟ قالت : نحن أطفال المسلمين ، أسكننا الله به حتى قيام الساعة ؛ حتى نشفع لكم .توبة بن دينار :
هنا استيقظ مالك من نومه على صوت الأذان يدعوه لصلاة الفجر ، وسمع الإمام يقرأ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) [الحديد: 16] ، فعلم أنها رسالة الله ، والرؤية ما كانت إلى دعوة من الله يدعوه بها إلى التوبة النصوح .فاغتسل بن دينار ، وتوضأ وصلى الفجر ، وعاهد الله على التقوى والعمل الصالح ، وصار من الزهاد الذين يبتغوا فضل الله ، ولا يرضون بغير رحمته وهداه ، وظل هكذا حتى وافته المنية بفضل عطية الله ووديعته التي أخذها منه حتى تشفع له.

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك