قصة زيد بن حارثة الذي لقب بزيد بن محمد ، وأحبه رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، والذي تبنه الرسول عليه السلام قبل تحريم التبني ، وهو الصحابي الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن فشرفه وزاده تكريمًا برغم سواد بشرته وقصر قامته وأنفسه الأفطس إلا أنه بلغ مكانة عظيمة في الإسلام .وتبدأ قصة الفتى زيد بن حارسة الكعبي وهو صغير عمره ثماني سنوات ، فذهب مع والدته سعدى بنت ثعلبة لزيارة قبيلتها بني معن ، وبينما هم هناك أغارت عليهم قبيلة بني القيد وأخذوا منهم السبايا وكان زيد من بين الأسرى ، وقد أخذوه وباعوه في سوق عكاظ وأصبح عبدًا ، فجاء حكيم بن حزام بن خويلد ابن أخو أم المؤمنين خديجة بنت خويلد زوج النبي عليه الصلاة والسلام ، واشتراه ومعه مجموعة من الغلمان .ولما عاد إلى مكة زارته عمته السيدة خديجة رضي الله عنها ، فطلب منها أن تختار فتى من الغلمان ، وتأخذه هدية فاختارت زيد ، ولما تزوجت من النبي عليه الصلاة والسلام أهدته زيدًا فأعتقه الرسول عليه الصلاة والسلام فورًا ، ولكن زيد ظل مرافقًا لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لشدة حبه له وتعلقه به .وكان والدا زيد يبحثان عنه في كل مكان ، وفي أحد مواسم الحج وفد قوم من أهل زيد إلى مكة للحج فرأوا زيد ، وعرفوه وقد عرفهم زيد أيضا ، فطلب منهم أن يبلغوا أبيه أنه مع أكرم والد (يقصد النبي عليه الصلاة والسلام) ، ولما عادوا أخبروا والد زيد أنه بمكة ، فأى أبوه وعمه ألا مكة فورًا ليعيداه معهم ، ولما سألوا على محمد بن عبد الله وعرفا سيرته اطمأن قلب والد زيد وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يطلب منه أن يأخذ ابنه معه .فدعا الرسول صلّ الله عليه وسلم زيد وخيره بين البقاء معه أو العودة مع والده حاثة فقبل حارثة فقال له زيد على الفور بل أقيم معك ، وما أنا بالذي أختار عليك أحدا أنت الأب والعم ، فقال أبوه : ويحك يا زيد أتختار العبودية على أبيك وأمك ؟ قال : إني رأيت من هذا الرجل شيئًا أنساني كل إنسان ، ما أنا بالذي يفارقه أبدًا ..فلما قال زيد ذلك أخذ الرسول عليه الصلاة والسلام يده واتجه إلى الكعبة وقال عليه الصلاة والسلام ، يا معشر قريش أشهدوا أن زيد من اليوم إبني يرثني وأرثه ، فلما فعل ذلك أطمأن حارثة على ابنه وعاد إلى أهله .أصبح زيد ينادى بمكة زيد بن محمد ، حتى جاء الإسلام وأبطل النبوة حين نزلت الآية ﴿ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ صدق الله العظيم .وعندئذ عاد الرسول وناداه زيد بن حارثة ، ولكن ظلت قريش على عهدها تناديه زيد بن محمد ، لذلك زوجه الرسول من ابنة عمته وتدعى زينب رباب الأسدية أو زينب بنت جحش وقد كانت سيدة ذات حسب ونسب ولذلك رفضت حتى نزلت الآية الكريمة { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا } فوافقت زينب وتزوجته وهي كارهة .فأراد زيد أن يطلقها وذهب يستأذن الرسول عليه الصلاة والسلام في تطليقها ولكن الرسول قال له أمسك عليك زوجك حتى نزلت الآية الكريمة {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً}فكان بذلك زيد هو الوحيد من الصحابة الذي ذكر اسمه في القرآن وقد تزوج الرسول عليه الصلاة والسلام من زينب بنت جحش بعد أن طلقها زيد ، بأمر من الله حتى يبطل عادة التبني عند العرب ، تزوج زيد بعد ذلك من أم أيمن وأنجب منها أسامة ابن زيد ، وقد استشهد رضوان الله عليه في غزوة مؤته حيث كان قائدها الأول .