قصة الأبرص والأقرع والأعمى

منذ #قصص دينية

قص النبي صلّ الله عليه وسلم ، على أصحابه هذه القصة ليعتبروا بما جاء فيها ، ويغرس في قلوبهم مبادئ الشكر والعرفان على ما أنعم الله به عليهم من نعم ، ويمحو ما في نفوسهم من الكبر ، والطغيان ، وقد وردت في حديث نقله أبي هريرة رضي الله عنه ، وهي قصة الأبرص والأقرع والأعمى.وقد جاءت القصة لتخبرنا أن العافية نعمة ضئيلة من ضمن نعم الله التي لا تعد ولا تحصى ، و أن المرض رحمة من عنده ضد خفايا النفس ، وما تأمر به من سوء ، وأن الغرور يدمر صاحبه ، و أن المظهر يخدعنا جميعًا .وتأتي أيضا لتعلمنا مقتطفات بسيطة حول الدنيا الزائلة ،  وتبث فينا روحا عادلة إذا تأملت خالقها شكرت وإذا هيأت لها نفسها الشر نكرت ، فالله عند حسن ظن عبده ، فقد قال تعالى أنا عند حسن ظن عبدى بي فليظن بي ما يشاء إن خير فخير وإن شر فشر اذا ابتليت فأشكر وإذا أنعم عليك فلا تنكر .قصة الملك مع الأبرص :
روى النبي صلّ الله عليه وسلم قصة ، ثلاثة أشخاص من بني إسرائيل أراد الله سبحانه وتعالى أن يبتليهم ،  فالأول ابتلاه بالبرص ، والثاني بالصلع ، أما الثالث فكان أعمى ، فبعث إليهم ملَكاً تمثل في هيئة بشر ، وذهب إلى الأبرص وسلم عليه وقال له : أي شيء أحب إليك ؟ .فأجابه قائلًا : لون حسن وجلد حسن ، ويزول عني البلاء الذي ينفر الناس مني ، وكان للأبرص ما تمناه حيث زالت عنه العلة ، فلم تكن علته جسيمه ، فهي لم تقعده على الفراش ، وإنما كان يذهب ويجيء ، ولا يشعر بالألم ؛ فالبرص مجرد بياض يقع في الجلد ، فيشعر صاحبه أنه شخص مشوه ليس كأقرانه من البشر ، وهذا يشعره بالنقص .مسح الملك بيده على موضع البرص فزال عنه بالكامل ، وعاد الجلد إلى لونه الطبيعي ، وقد أنعم الله سبحانه وتعالى على الأبرص بنعمة أخرى بجانب الشفاء ، حيث سأله الملك أي المال أحب إليك ؟ ، قال : الإبل ، فدعا الملك ربه أن ينعم على الأبرص بنعمة الإبل ، فرزقه الله بناقة عشراء وبارك له فيها .قصة الملك مع الأقرع :
حان دور الأقرع فأته الملك ، وقال له : أيّ شيء أحب إليك ؟ ، قال : شعر حسن ، ويذهب عني هذا البلاء الذي ينفر الناس مني ، فعرف الملك ما يتمناه الأقرع ، فمسح عليه ، فشفى تمامًا  ، فسأله الملك أي المال أحب إليك ؟ ، قال : البقر ، فأعطي بقرة حاملاً ، فقال : بارك الله لك فيها ، الأول أعطي ناقة عشراء ، وهذا أعطي بقرة حاملًا .قصة الملك مع الأعمى :
ويسير الملك في طريقه بعد ذلك ذاهبًا إلى صاحب البلاء الثالث الأعمى فأتى الأعمى ، وقال له : أيّ شيء أحب إليك ؟ ، قال : أن يرد الله إليّ بصري ، فأُبصِر الناس ، فمسح الملك على عينيه ، فرد الله إليه بصره ، وبعدها سأله عن أي المال أحب إليه ؟ فقال : الغنم ، فأُعطي شاة والداً .اختبار الله عز وجل للثلاثة :
كان لكلا فيهم ما تمنى وما لم يمنى ، حيث لا يخطر في باله النعم التي في انتظاره ، فالله سبحانه وتعالى جعلهم أثرياء ، فظلت السنوات تتلو الأخرى حتى أصبح للثلاثة شأن عظيم ، الأول لديه واد من الإبل والثاني لديه واد من البقر والثالث يمتلك واد من الغنم ، وحان وقت الاختبار ، أراد الله أن يعرف من سيشكره على نعمه ، ومن سينسى ، ويأخذه الكبر والغرور..بعد أن أصبح الثلاثة من ذوي المال ، والوجاهة ، أتى إليهم الملك متخفيًا في صورة رجل  ولكن كان هناك فرق بين المرتين التي أتى فيهما  الأول كان ذو مظهر حسن ، أما الثاني فكان فقير يبدو عليه ضيق الحال ، يبدأ الاختبار فيذهب الملك إلى الأبرص قائلًا : أسالك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن أن تعطني بعيرًا أتبلغ به سفري ، فرد عليه الأبرص بمنتهى الغرور ، وقال له الحقوق كثيرة .فأراد الملك أن يذكره بماضيه فقال له : كأني أعرفك ، ألم تكن أبرص يقذرك الناس ؟ فقيرًا فأعطاك الله ؟ فقال : إنما ورثت هذا المال عن أهلي ، لقد أصاب الأبرص الغرور ونسى نعم الله عليه ، فما كان له إلا أن دعا الملك عليه ؛ إن كنت كاذبًا فصّيرك الله إلى ما كنت عليه ، وأتى الأقرع في صورته وهيئته ، فقال له مثل ما قال للأبرص ، ورد عليه الأقرع مثل ما رد الأبرص ، فقال له الملك : إن كنت كاذبًا فصيرك الله إلى ما كنت .وأتى إلى الأعمى في صورته وهيئته التي قابل بها الاثنان الآخران ، وقال له : أنا رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري ، ولن أصل اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي رد عليك بصرك أن تعطني شاه ، أتبلغ بها في سفري ؛ فقال له : قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري ، فخذ ما شئت ودع ما شئت ، فو الله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله عزّوجّل.فقال الملك له أمسك مالك ، فإنما ابتليتم ، فقد رضي الله عنك ، وسخط على صاحبيك ، وفي هذا الابتلاء عظة كبيرة ، فالله سبحانه وتعالى عرف به من الأحق بنعمته ، ومن لو ظل على مرضه لكان هذا خير له ، فأحيانا يكون المرض ستار عظيم لحفظ صاحبه من نفسه ، وأحيانا لاختبار قدرة صاحبه على تحمل البلاء ، والبشر أنواع منهم من يبتلى ويصبر ، ويشكر الله على باقي النعم ، ومنهم من يسخط ويرفض ، ولا يعترف بفضل الله عليه حتى لو أتاه واد من النعم ، جعلنا الله وإياكم من الشاكرين.

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك