قصة خالد بن الوليد

منذ #قصص دينية

خالد بن الوليد هو أحد أهم الشخصيات فى التراث الاسلامي ، فقد كان من أعظم القادة العسكريين عبر التاريخ الإسلامي ، ولقد لقبه سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم ، بلقب سيف الله المسلول ، وحين مماته كان كل شبر فى جسده لا يخلو من آثار الطعنات والسيوف ، وقد تحمل كل هذه الجراح وهو حاميًا ومدافعًا عن الدين الاسلامي الحنيف ورافعا رايته عاليه .ولادته ونشأته:
ولد خالد بن الوليد فى مكه عام 30 ق.هـ – الموافق لعام 592 م ، أبوه هو الوليد بن المغيرة بن عبد الله المخزومي القريشي ، فهو ينحدر من سلالة بنى مخزوم رفيعة النسب والمكانة ، فأبوه الوليد بن المغيره كان سيد بنى مخزوم ، ومن أغنى أغنياء مكة فى عصره ، وأمه هي لبابة بنت الحارث الهلاليه ، وهي أخت أم المؤمنين السيدة ميمونه بنت الحارث إحدى زوجات الرسول صلّ الله عليه وسلم .وكما جرت عادة أشراف قريش قديما فقد قاموا بإرسال خالد بن الوليد إلى الصحراء ، لكي يتربى ويشب صحيحًا فى جو الصحراء ، ثم عاد لوالديه وهو بعمر السادسة ، وقد تعلم خالد الفروسية منذ صغره وأظهر براعة ونبوغًا يفوق جميع أقرانه منذ وقت مبكر ، توفى أبوه الوليد بن المغيرة المخزومي القريشي بعد الهجرة النبوية الشريفه بثلاثة أشهر ، وأصبح خالد بن الوليد زعيم قومه الذين كانوا لم يعتنقوا بعد الدين الاسلامي .قبل دخوله الاسلام :
تزعم خالد ابن الوليد قبل اعتناقه الاسلام معركتين شهيرتين ، كان فيها زعيما لجيوش المشركين الذين يحاربون الرسول صلّ الله عليه وسلم ، إحداهما هي غزوة أحد ، فقد قام خالد بن الوليد فيها بدور محورى وحيوي لصالح جيش المشركين .حيث استطاع بمهارته تحويل هزيمتهم إلى نصر ، فقد استغل صغره وقع فيها رماة المسلمين ، اذ انشغلوا بجمع الغنائم وتركوا جبل الرماة ، فهاجم خالد بن الوليد مع فرسانه صفوف المسلمين من الخلف وحاصرهم ، وتحولت هزيمة المشركين إلى نصر على المسلمين ، وانقلبت دفة المعركة .والغزوة الأخرى كانت غزوة الخندق ففي تلك المعركة ، أرسل الله سبحانه وتعالى ريحا عاصفة على جيوش المشركين ، شتت جيادهم ، وحطمت دورهم وخيامهم ، فيأس المشركين من عبور الخندق للوصول إلى المسلمين ، وتقهقروا عن المدينة المنوره .وشارك خالد ابن الوليد وعمرو بن العاص ، في صفوف الأحزاب وكان دورهم تأمين مؤخرة الجيش مع مائتي فارس ، خوفًا من ملاحقة المسلمين لهم ، وأخذ خالد بن الوليد يفكر بينه وبين نفسه ، عن السر الإلهي الذي يساند جيش محمد عليه الصلاة والسلام ، وبدأ يفكر فى دين الاسلام وفي سيدنا محمد الصادق الأمين .اعتناقه الاسلام:
فى ذلك الوقت كان الوليد بن الوليد بن المغيرة أخو خالد بن الوليد ، قد اعتنق الاسلام ، فأرسل الى خالد بن الوليد رسالة يدعوه فيها إلى اعتناق الاسلام ، وأن يدرك ما قد وفاته ، وأن رسول الله محمد يقول عنه (ما مثل خالد يجهل الإسلام ، ولو كان جعل نكايته وحده مع المسلمين على المشركين لكان خيرًا له ، ولقدمناه على غيره) .أنه ذو عقل راجح وذلك العقل سوف يهديه إلى الصواب والإيمان ، فتأثر خالد بن الوليد من رسالة أخيه ، وعقد العزم على السفر ليثرب لكي يعلن اسلامه ، وفي طريقه الى يثرب التقى بعمرو بن العاص ، وقد كان مهاجرًا هو الآخر لكي يعلن اسلامه وسافرا سويًا ، وبالفعل اعتنقا الاسلام ، وحينها قال الرسول محمد عليه الصلاة والسلام : إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها .فتوحات وانتصارات :
قاد خالد بن الوليد بعض الغزوات فى حياة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وانتصر فيها انتصارا عظيمًا ، كغزوة مؤتة والتي أظهر فيها خالد بن الوليد ذكاءًا وشجاعة القائد ، فقد اختار الرسول محمد ثلاثة قادة ، من قادة المسلمين تكون لهم قيادة الجيش على التوالى ، هم : زيد ابن الحارثة ، جعفر بن ابي طالب ، عبد الله بن رواحة .وعند وصول الجيش إلى مؤتة ، فوجئ جيش المسلمون بأنفسهم أمام جيش مكون من مائتي ألف مقاتل ، نصفهم من الروم والنصف الآخر من الغساسنة ، وظل المسلمون يتشاورون فى أمرهم ، واقترح البعض بأن يرسلوا إلى رسول الله ليشرحوا له الأمر ويطلبوا منه مددًا .ولكن اعترض عبد الله بن رواحه رضي الله عنه ، وأقنعهم بالدخول إلى المعركة ، واستمر القتال لمدة ليلتين ، قُتل فيهما القادة الثلاثة على التوالي ، مما وضع المسلمين في موقف عصيب .ثم اختار المسلمين خالد بن الوليد ليكون قائد لهم ، وصمد المسلمين  بقية اليوم في المعركة ، وفي الليل نقل خالد ميمنة الجيش إلى الميسرة ، والميسرة إلى الميمنة ، وجعل مقدمة الجيش موضع موخرة الجيش ، ومؤخرة الجيش موضع مقدمته ، ثم أمر طائفة بأن تثير الغبار ويكثرون الجلبة خلف الجيش حتى الصباح .وفي الصباح فوجئ جيش الروم والغساسنة بتغير الوجوه والأعلام عن تلك التي واجهوها بالأمس ، إضافة إلى الغبار والجلبه ، فظنوا أن مددًا قد جاء للمسلمين ، في ذلك الحين  أمر خالد بن الوليد جيشه بالانسحاب .وخشي الروم أن يلاحقوهم ، خوفًا من أن يكون الانسحاب مكيدة وبذلك ، نجح خالد بن الوليد في أن يحافظ على ما بقى من فرسان جيشه ، قبل أن يبادوا إبادة شاملة ، وقد حارب خالد بن الوليد بشجاعة في تلك الغزوة ، وكسرت في يده تسعة أسياف ، وبعد أن عاد إلى يثرب ، أثنى عليه محمد رسول الله ولقبه بسيف الله المسلول .وبعد فتح مكة ببضعة أيام ، ذهب خالد بن الوليد بأمر من رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، ومعه عدد من الفرسان إلى الكعبة ليحطم الأصنام التي كان يعبدها المشركون ، فحطم خالد بن الوليد بسيفه الصنم العزى ، الذي كان يعبده أبوه الوليد بن المغيرة .وكان أول انتصارات خالد بن الوليد العظيمة ، التي حققها في معركة اليمامه ، فقد تمكن من هزيمة الجيش الضخم الذي أعده مسيلمة بن تمامة الحنفي ، والذي عرف فيما بعد بمسيلمة الكذاب لأنه ادعى النبوة .وقد حقق أيضا خالد بن الوليد انتصارًا عظيمًا يعد من أعظم المعجزات فى تاريخ الحروب ، اذ تمكن القائد العظيم خالد بن الوليد من إزالة سلطان الروم عن فلسطين والشام  وشمال افريقيا ، وتحطيم دولة الفرس وكان ذلك في مدة سبع سنوات فقط .وفي العام الثاني عشر من الهجرة ، أي بعد وفاة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بسنة واحدة ، وبعد انتهاء مهمته في حروب الردة ، سار القائد العظيم خالد بن الوليد على رأس جيش المسلمين متوجها الى العراق .وقد التقا خالد بن الوليد بجيوش فارس في ستة عشر معركة ، وقد حقق نصرًا عظيمًا بمهارته في فنون القتال وإتقانه لها وحسن قيادته ، بالرغم أنه في عدد ليس بالقليل من هذه المعارك كانت جيوش المسلمين لا تتجاوز عشر جيش الفرس ، فقد كان يبث في قلوب جنوده الإيمان بالله تعالى .وقد أرسل خالد بن الوليد ذات مرة برسالة إلى قائد جيوش الفرس وكان اسمه هرمز كتب له فيها لقد جئتك بقوم ، يحبون الموت في سبيل الله تعالى كما تحبون أنتم الحياة لمتاعها الزائل .وفي إحدى المعارك طلب قائد الفرس قارن بن قريانس قبل بداية المعركة ، أن يقوم بمبارزة خالد بن الوليد ، فرحب بذلك ، وانتهت المبارزة بقتل قائد الفرس وانسحاب جيشه ، وانتصارات خالد بن الوليد كثيرة ، فقد هزم جيش الروم في موقعة دومة الجندل ، ثم انطلق نحو الشام حيث خاض موقعة فاصلة بينه وبين الروم في موقعة اليرموك وقد بلغ عدد القتلى من الروم في موقعة اليرموك ثمانين ألفا .وقد قال هرقل قائد الروم في ذلك الوقت مودعًا الشام بعبارته اليائسة الشهيرة وداعًا يا شام وداعًا ليس بعده من لقاء ، ولكن الروم تمسكوا بقلاعهم في مدينة قنسرين المدينة المنيعة الحصون بالشام ، ورفضوا الاستسلام لخالد بن الوليد بعد أن حاصر قلاعهم ، فقال خالد بن الوليد قولته الشهيرة :لو كنتم في السحاب لحملنا الله سبحانه وتعالى إليكم ، أو لأنزلكم إلينا ، فكم كان قدر ايمان خالد بن الوليد بالله سبحانه وتعالى ، وبالفعل نجح خالد بن الوليد باقتحام قلاع الروم بجيشه ، وألحق بهم هزيمة فادحة .العزل وأسبابه:
ولقد خشي عمر بن الخطاب أن يفتن خالد بن الوليد الناس به خاصة بعدما سمع أن الناس حينما يعرفون أن خالد هو قائد المعركة يقولون انتصارنا ، فقرر عزلة حتى يعتمدوا على الله تعالى ، وأن الله سبب النصر وحده .وتم تعين أبا عبيدة بن الجراح بدلًا منه ، وعلى الرغم من شعبية خالد بن الوليد وحب الجيش إلا أنه كان رجلًا عسكريًا مخلصًا للإسلام ، فقد أطاع الأمر على الفور ، فحين أتى له أبا عبيدة الجراح برسالة عمر بن الخطاب له بالعزل ، فما كان منه إلا أن قال ما دام عمر بن الخطاب قد أصبح خليفة المسلمين ، فما أنا إلا جنديا مطيعًا لخليفة الله في الأرض ، وما أنا بالذي يعصي أمير المؤمنين ، أو يفسد وحدة المسلمين ، فاصنع فيّ أبا عبيدة ما بدا لك ، وانتهت مسيرته العسكريه حين ذاك .فقد تناسا خالد بن الوليد أمجاده وانتصاراته التي اعتبرها حقًا للمسلمين جميعا وليست له وحده  قال له عمر بن الخطاب يا خالد والله انك لكريم ..وانك الىّ لحبيب .وفاته:
عاش خالد بن الوليد في مدينة حمص حتى توفى عام (21هـ – الموافق 642م

، وقد حزن على موته المسلمون حزنًا شديدًا ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، من أشد الناس حزنًا على وفاة خالد بن الوليد رضي الله عنه .ويروي البعض أن آخر ما ردده خالد بن الوليد وهو على فراش موته العبارة الشهيرة :
لقد شهدت مئة زحف أو زهاءها ، وما في بدني موضع شبر ، إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح ، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي ، كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء .

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك