من كِرام من هاجر إلى الحبشة من النساء المسلمات ، وهي بنت رجل من أكبر المعاندين والمعادين للدعوة آنذاك في مكة ، هاجرت تاركة أبيها ، وأمها ، وأخواتها ، والعز ، والمتعة والحماية في ظِلّهم ، ماضية إلى أرض الغربة والوحشة مع زوجها .نسبها :
هي رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .وأمها هي صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ، وكانت أمها هي عمة عثمان بن عفان رضي الله عنه .وحيدة في غربتها :
لقد ألِفنا أن تترك المرأة أهلها مرضاةً لزوجها ، ولكننا لم نألف أن امرأة تعيش غربتها وحيدة بلا أهل ، ولا زوج ؛ حفاظًا على دينها وعقيدتها ، وعندما ترك زوجها الإسلام واعتنق النصرانية ، لم تترك دينها بل تركته هو وقاطعته وهكذا بقيت في غربتها من غير زوج أو أهل .كانت وحيدة تعاني من الغربة والوحشة ، كما كان أن المهاجرين معها في الحبشة لم يكن ما يجمعها بهم إلا عقيدتها ، ومع كل ذلك كانت رافضة لكل حِمى والدها ، وتركت نفسها لرعاية الله فوكَّلت كل أمورها لخالق الخلق فكفى به وليًا ونصيرًا .كما أنها لم ترضخ لزوجها عندما ترك دينه ، ولكنها ظلت متمسكة بعقيدتها ودينها غير آبهة به ، وظلت تماريه وبقيت معاكسة له في طريقه .وهكذا دائمًا ستظل المرأة المسلمة صابرة مجاهدة صادقة في إيمانها ، فستكون ضد كل من يدعوها للانحراف والمعصية ، وستكون ضد كل من يدعوها لمعصية الخالق ، أو يدعوها للزينة الآثمة أمام الأخرين ، أو يطلب منها التبرج في الطريق ، فهي ستظل عنصر الاستقامة في البيئة الفاسدة .زواجها من النبي صلّ الله عليه وسلم :
لم يكن أنيسًا لها في غربتها غير ابنتها حبيبة ، ولا سبيل لها إلى أي مكان يكون لأبيها فيه سلطة ونفوذ ، فكان في ذلك الوقت يعلنها حربًا ضارية ضد الإسلام والمسلمين ، وظلت في عزلتها الحزينة في بلاد الحبشة مع ابنتها ، وفي يوم من الأيام فإذا جارية من جواري الملك النجاشي في منزلها تستأذنها في الحديث إليها ، فأذنت لها .وقالت لها الجارية أن الرسول صلّ الله عليه وسلم يريد أن يتزوجها وعليها أن توكل أحدًا ليزوجها له ، اجتمع المسلمون في المساء بقصر ملك الحبشة ليشهدوا الإعلان عن الخطبة والزواج ، وتلقت منهم التهاني والهدايا ؛ فقد أصحبت أمًا للمؤمنين ، واحتفلت المدينة المنورة بأكملها فيما بعد أن بنت أحد أعداء الإسلام ، قد دخلت بيت الرسول صلّ الله عليه وسلم .ولقد تألمت كثيرًا لإستمرار الحرب بين أبيها وزوجها ، وكان كل أملها أن يتحقق وعد ربها {عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً ۚ وَاللَّهُ قَدِيرٌ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }[الممتحنة:7] ، وعندما تم فتح مكة ودخل أبيها الإسلام عادت الفرحة تغمر قلبها .روت عن النبي صلّ الله عليه وسلم خمس وستون حديثًا ، وحدث عنها عدد من المحديثين أشهرهم عروة بن الزبير ، وأخوها معاوية بن أبي سفيان ، وأبو صالح السمان .وفاتها :
توفيت أم المؤمنين رضي الله عنها ، في المدينة المنورة في السنة الرابعة والأربعين من الهجرة الشريفة ، وكان ذلك في فترة حكم أخيها معاوية بن أبي سفيان وقد تم دفنها بمنطقة البقيع .