تعد غزوة بدر أولى غزوات الرسول صلّ الله عليه وسلم ، وقد بشره الله تعالى بها في سورة القمر {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ } الآية 45 ، وقعت غزوة بدر الكبرى في السابع عشر من شهر رمضان المبارك في العام الثاني للهجرة ، بمنطقة بئر بدر وهذا هو سبب تسميتها بهذا الاسم .سبب الغزوة :
كان المهاجرين قد تركوا ورائهم في مكة أموالًا كثيرة ومنازل ، فاستولى عليها كفار قريش ، وكانت قريش ترسل قوافل التجارة إلى الشام كل عام ، بلغ الرسول عليه الصلاة والسلام ، خروج أبو سفيان على رأس قبيلة إلى الشام ، وفي طريق عودة القافلة كان المقرر أن تمر بمنطقة بدر ، وكان بها أربعون رجلًا وأموالًا طائلة مما استولت عليها قريش .فبعث الرسول عليه الصلاة والسلام بصحابيان ليستطلعا أخبار القافلة هما سيس بن عمرو الجهنيّ وعدي بن الرعباء ، فلما علم أبو سفيان بالأمر أرسل رجلًا أسمه ضمضم بن عمروإلى الغفاري إلى مكة ، ليستغيث بقريش ويحثهم على حرب الرسول صلّ الله عليه وسلم وأصحابه ، فخرج سادات قريش جميعًا إلى حرب رسول الله صلّ الله عليه وسلم.واجتمع الرسول عليه الصلاة والسلام بأصحابه من المهاجرين والأنصار فسأل الصحابة فأجابه المهاجرين وسأل مرة ثانية فأجاب المهاجرين وفي المرة الثالثة أجاب سعد بن معاذ من الأنصار أنهم سيقاتلون معه متى يشاء .أحداث الغزوة :
كان أبو سفيان قد غير طريق القافلة باتجاه أخر ، فابتعدت عن طريق المدينة وأرسل إلى قريش بذلك ، فقرروا العودة إلى مكة لكن أبا جهل استوقفهم وأمرهم أن يعودوا للقتال حتى لا تضيع هيبتهم بين العرب وقريش .أشار الخباب بن عمرو على رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، أن ينزلوا بمنطقة بدر حتى يكونوا بجوار الماء ويمنعوا الماء عن قريش ، فوافق الرسول وخرج في ثلاثمائة رجلًا لملاقاة الكفار وكان عددهم ما بين تسعة مائة إلى ألف .إلتقى الجمعان وخرج من جيش الكفار عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن الربيعة ، والوليد بن عتبة وطلبوا أن يتبارزوا مع المسلمين ، فخرج من جيش المسلمين فخرج لهم ثلاثة من الأنصار فرفض الكفار وطالبوا برجال من المهاجرين ، فخرج لهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وعبيدة بن الحارث رضي الله عنه ، فقتل علي الوليد وقتل حمزة شيبة ، أما الوليد فقد أصاب عتبه فحملا حمزة وعلي عتبة ، وأنقضوا على الوليد فقتلوه .وبدأت المعركة وكان المسلمون قد هابوا الموقف لما رأوا المشركين يهابونهم عددا وعدة ، فأخذ الرسول عليه الصلاة والسلام يدعوا الله ، ويقول “اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبداً ” ، وذهب الشيطان لقريش وقال الله تعالى {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ} ولكنه فر لما رأى الملائكة يقاتلون مع المؤمنين .حتى نزل سيدنا جبريل عليه السلام وبشر النبي بأن الله بعث ثلاثة الآلاف من الملائكة ليقاتلوا معهم كما جاء في سورة آل عمران {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ،إذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ} الآية 124 ، وتضاعف العدد بعد ذلك حتى وصل إلى خمسة آلاف { بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} الآية 125 ، فاستبشر الرسول عليه الصلاة والسلام وبلغ أصحابه ففرحوا وقاتلوا حتى انتصروا وقتلوا سبعين من الكفار وأسروا سبعين .ولما تم النصر للمسلمين أرسل الرسول صلّ الله عليه وسلم ، محمد عبد الله بن رواحة وزيد بن حارثة ليبشرا المسلمين في المدينة بانتصار المسلمين وهزيمة قريش .وبعد انتهاء الغزوة اجتمع الرسول عليه الصلاة والسلام بالصحابة ليستشيرهم في أمر الأسرى فاختلف الصحابة فأمر الرسول عليه الصلاة والسلام بقتل اثنين منهم وهم النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط ، حيث أنهما من أكابر مجرمي قريش ، أما الباقي فأطلق سراحه مقابل الفدية أو تعليم عشرة من أبناء المسلمين .وكان من نتائج هذه الغزوة أن قويت شوكة المسلمين ، واستردوا جزئا من أموالهم التي تركوها في مكة ، وقتل فيها مجموعة من زعماء قريش منهم أبا جهل .