هو موسى بن نصير بن عبد الرحمن بن يزيد ، هو من التابعين ولد في عام 19 هجرية ، وكان والده عبد الرحمن بن نصير ممن شهد معركة اليرموك ، وكانت منزلته عالية عند معاوية بن سفيان ، وقد كان قائدًا لشرطة الشام في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه .أما والدته فقد خرجت مع والده في معركة اليرموك ، فأبصرت رجلًا من الكفار يأسر رجلًا من المسلمين فتناولت ، عصا الخيمة وضربت رأس الكافر فشقتها ، فمن هذا البيت نشأ موسى بن نصير محبا للجهاد في سبيل الله .وقد كبر في كنف الخليفة معاوية بن أبي سفيان ، ولما كبر تولى جمع الخرج بالبصرة ، ثم تولى قيادة جيش البحر الذي غزا قبرص ، ثم في عام 89 هجرية تولى حكم بلاد المغرب وشمال افريقيا في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك .وقد كان البربر في هذه البلاد كثيري التمرد والخروج عن الإسلام ، كما أنا البلاد كانت تعاني من القحط الشديد فأمر الناس بالصوم والصلاة ، وخرج بهم إلى الصحراء وبقى يصلي بهم حتى منتصف النهار ، ولم يدعو للخليفة فلما سألوه قال لهم هذا موضع لا يدعى فيه لغير الله فسقى الناس حتى رووا .كان هم موسى الأول حين أصبح واليًا على المغرب ، هو تثبيت دعائم الإسلام هناك ، فقد رأى أن عقبة بن نافع ، حين فتح شمال أفريقيا وقع في خطأين ; الأول هو أنه كان يفتح البلاد سريعًا ، ثم ينصرف إلى غيرها دون أن يوفر الحماية لظهره من البربر ، أما الخطأ الثاني هو أن هل الإقليم لم يتعلموا الإسلام جيدًا لذلك أرتد منهم عدد كبير ، فأتى موسى بالعلماء من بلاد الحجاز والشام ليعلموا الناس أمور دينهم .لما استتب الأمر في بلاد المغرب وعرف الناس أمور دينهم ، بدأ يفكر في نشر الإسلام في البلاد المجاورة والتي لا يفصلها عن المغرب ، سوى مضيق ، عُرف فيما بعد بمضيق جبل طارق وهي بلاد الأندلس .ولكنه أراد تأمين ظهره أولًا قبل أن يدخل الأندلس ، فقد كان في بلاد المغرب ميناء يدعى سبته لم يكن قد فتحه بعد ، وكان يحكمه رجل نصراني يدعى يليان فخشى موسى أن يتحالف ضده مع لذريق ملك الأندلس ، ولكن حدثت خلافات شديدة بين ليليان ولذريق ، لذلك أرسل ليليان لطارق بن زياد حاكم طنجه ، يطلب منه فتح الأندلس والقضاء على لذريق ، وترك ميناء سبته للمسلمين ، كما أن ليليان أمد المسلمين بمعلومات عن الأندلس مقابل بعض الأموال والأملاك .وافق موسى بن نصير على عرض ليليان فلم يكن همه هو الأموال ولكن نشر الإسلام ، وقد واجهته أيضا عقبات أخرى تتمثل في قلة عدد المسلمين المحاربين الذين أتوا من شبه الجزيرة العربية ، وفي المقابل كان عدد المحاربين النصارى في الأندلس أكثر كثيرًا ، لذلك جهز موسى جيشًا من المسلمين في شمال أفريقيا بعد أن علمهم تعاليم الإسلام جيدًا .كما أن سفن المسلمين كانت قليلة ولم يخض المسلمين سوى معركتين بحريتين ، فعمل موسى بن نصير على بناء أسطول كبير من السفن وبناء الموانئ ، وكانت بعض الجزر في البحر تدعى جزر البليار لا تزال في أيدى النصارى ، فقام موسى بن نصير بفتحها حتى لا تأتي منها هجمات على المسلمين حين يفتحون الأندلس .أعد موسى بن نصير العدة جيدا لفتح الأندلس ، ووضع طارق بن زياد قائدًا لجيش المسلمين ، وأرسل إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك يخبره بأمر فتح الأندلس ، وافق الخليفة ولكنه طلب من موسى بن نصير أن يرسل سرية لاستطلاع أحوال الأندلس أولًا .أرسل موسى بن نصير سرية ، بقيادة رجل من البربر يدعى طريف بن مالك في عام 91هـ ، ومعه خمسمائة رجل من المسلمين إلى الأندلس ، وبالفعل انتصرت السرية وغنمت مغانم كثيرة ، وأرسل موسى بن نصير الجيش إلى الأندلس بقيادة طارق بن زياد عام 93هـ ، وبالفعل تم فتح الأندلس للمسلمين ، والفضل في ذلك للقائد موسى بن نصير .في عام 95هـ أرسل الخليفة الوليد بن عبد الملك لموسى بن نصير ليتوجه إلى الشام ، لما وصل الشام ومعه طارق بن زياد كان الوليد قد وافته المنية ، وتولى أخوه سليمان بن عبد الملك الحكم ، الذي أراد أن يعزل موسى بن نصير واتهمه باختلاس أموال ، إلا أن بعض مستشاريه وهو يزيد بن المهلب ، أخبروه بما قدمه موسى بن نصير للإسلام ، وأنه لا يهتم بالمال ، وأن ما قاله سليمان مجرد وشاية من حاقد ، فتراجع سليمان عن عزله ، وفي عام 97هـ خرج موسى بن نصير مع الخليفة سليمان بن عبد الملك للحج ، ولكنه توفي في الطريق .