قصة الصديق مع مسطح بن أثاثة

منذ #قصص دينية

حين يقول الله جل وعلا ، ولا تجعلوا الله عُرضة لأيمانكم ، فالعرضة هي الحجاب وهي أيضًا الأمر الصالح لكل شيء ، وكأن الحق سبحانه يقول لنا لا أريد أن تجعلوا اليمين عرضة بين الإنسان وفعل الخير والبر والتقوى ، فإذا ما طلب أحدهم منك أن تبر من أساء إليك ، فقد تقول أنا أقسمت ألا أبر هذا الإنسان ، فأنت بهذا قد جعلت اليمين بالله حائلاً بينك وبين البر .وتروي قصتنا ، أن عائشة رضى الله عنها زوج النبي صلّ الله عليه وسلم ، كانت قد خرجت مع زوجها في غزوة بني المصطلق ، وكان أمر الله بالحجاب قد نزل ، فانطلقت معهم السيدة عائشة في هودج .وذهب الرسول عليه الصلاة والسلام في غزوته ثم عاد ، وكانت عائشة رضي الله عنها قد فقدت عقدًا لها ، وكانت آنذاك خفيفة الوزن فانطلقت تبحث عن عقدها المفقود ، وعندما تحرك جيش رسل الله عليه أفضل الصلاة والسلام ، لم يفطنوا إلى أن عائشة ليست بالهودج نظرًا لخفة وزنها ، وحينما وجدت عائشة عقدها جلست تنتظر عودة الجيش ، ظانة أنهم سوف يفتقدونها فيعودوا أدراجهم يحملونها معهم مرة أخرى .وكان خلف الجيش صفوان بن المعطل السلمي فعرفها وعادت معه إلى المدينة ممتطية راحلته ، ودار حديث الإفك آنذاك بواسطة عبدالله بن أبي بن سلول رأس النفاق ، وأصاب السيدة عائشة رضي الله عنها ، الحزن والغم لما دار من حديث بشأنها إلى أن برّءها المولى عزوجل ، وذاع ما ذاع عن أم المؤمنين عائشة وهي زوج النبي عليه الصلاة والسلام ، وابنة أبي بكر الصديق ، ولو أن ما حدث كان مع امرأة أخرى غير عائشة لم يكن موقف أبي بكر الصديق نفس موقفه .فقد جاءه مسطح بن أثاثة مشاركًا في حديث الإفك مع من اشتركوا في ذلك ، إلى أن برّءها الله تعالى في كتابه الكريم ، فقال أبو بكر حالفًا ، والله لن أنفق عليه أبدًا ؛ حيث كان أبو بكر ينفق على مسطح لأنه من المهاجرين ، وبسؤاله عن السبب قال أن مسطح قد اشترك في حديث الإفك.لذلك سيمتنع أبو بكر عن الإنفاق على مسطح ، ولكن بالنظر إلى مقاييس الجمال والكمال والفضائل عند المولى عزوجل ، نجد أن الله قد قال في كتابه الكريم ؛ { وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ} سورة النور الآية 22أي إذا كنت تحب أن يغفر الله لك ، أفلا تغفر لمن فعل السيئة معك ؟ وما دمت تريد أن يغفر الله لك فاغفر للناس أخطائهم ، قالها المولى عز وجل لأبي بكر ، الذي اتخذ موقفًا من رجل خاض في الإفك مع من خاضوا ومع ذلك يبلغه أن ذلك لا يصح.وهذا الأمر يرتبط بقوله الكريم ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبرّوا ، فلا تقل أني حلفت بالله على ألا أفعل ذلك الخير ، لا افعله ، فالله سبحانه وتعالى يرضى لك أن تحنث وتُكفّر عن يمينك هذا .ويقول الحديث أنه من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليأت الذي هو خير وليكفّر عن يمينه ، وبهذا يحمي الله سبحانه وتعالى فعل البر والتقوى وعمليات الإصلاح بين الناس ، ولو كنت قد حلفت بالله ألا تفعلها ، لماذا ؟ لأنك عندما تحلف بالله بأنك لن تفعل خيرًا ما ، فقد ناقضت التشريع بحلفك هذا ، لأن الله هو الآمر بالبر والإصلاح والتقوى ، فلا تجعل يمين البشر مانعًا لتنفيذ منهج رب العالمين.

اضف تعليقك (سجل دخولك للموقع اولاً)
loading...

قصص مقترحة لك